تواجه الناشطة والحقوقية الفلسطينية الفرنسية ريما حسن، منذ أيام، حملةً من الكراهية والترهيب من قِبَل الأوساط الفرنسية الداعمة لإسرائيل، وذلك على خلفية قيام مجلّة فوربس الاقتصادية بتصنيفها ضمن قائمتها السنوية التي تخصّصها لأكثر 40 شخصية نسائية تأثيراً في فرنسا. تصنيفٌ لم يرق لداعمي الكيان الصهيوني، وخصوصاً أن الناشطة تُعَدّ من أبرز الوجوه الناقدة في فرنسا للمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحقّ أهالي غزّة.
ومع أن ستّة أشهر قد مضت منذ أن كشفت المجلّة الاقتصادية الأميركية عن قائمتها هذه لعام 2023، إلّا أن موجة الضغوط والتنمّر لم تندلع إلّا قبل أيام، وتحديداً في الثامن والعشرين من يناير/ كانون الثاني المنقضي، بعدما قام آرتور، وهو أحد مقدّمي البرامج المعروفين في الأوساط الفرنسية المُحافِظة، بالتهجّم على الناشطة البالغة من العمر 31 عاماً، موجّهاً لها التهمة التي تُوَجَّه في فرنسا لمَن يدافعون في وسائل الإعلام البارزة عن القضية الفلسطينية: "معاداة السامية".
وكتب الإعلامي الفرنسي على حسابه في إنستغرام، الذي يتابعه أكثر من 3 ملايين شخص: "إذا أردتم الظهور في تصنيف العام المقبل من مجلة فوربس بفرنسا، فأسهل طريق إلى ذلك هو أن تقوموا بالدفاع عن حماس وأن تكونوا من معادي السامية المخضرمين".
عباراتٌ تلقّفها العديد من زملائه من الشخصيات الإعلامية والدينية الداعمة لإسرائيل، التي تبعها آلاف من الذباب الإلكتروني الذي شنّ حملة كراهية وتشهير واسعة ضدّ الناشطة البارزة، بما في ذلك من تهديدات ومشاركة لمعلوماتها الشخصية على مواقع التواصل، داعين إلى إلغاء دعوتها من حفل تكريم الشخصيات الأربعين التي اختارتها المجلّة الأميركية، والذي كان من المنتظَر أن يُقام في الثامن والعشرين من مارس/ آذار المقبل.
وقد نجحت "حرب العصابات الإلكترونية" الداعمة لإسرائيل في فرنسا، كما سمّتها صحيفة لوموند في مقال لها قبل أيام، في الوصول إلى مبتغاها، إذ أعلنت "فوربس" إلغاء الحفل بأكمله، السبت الماضي، متذّرعةً، في رسالة وجهتها إلى المشاركين، بعدم قدرتها على "توفير أمن جميع المدعويّن". قرارٌ احتفل به مئات ممّن هاجموا الناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ريما حسن لم تقف مكتوفة اليدين إزاء فيض التهديدات والكراهية الذي تعرّضت له. فقد كتبت على حسابها في موقع إكس (تويتر سابقاً)، متوجّهةً إلى الإعلامي الذي أطلق الشرارة الأولى من الحملة ضدّها، إن "آرتور يهاجم امرأة فلسطينية فقط لأنه جرى تكريمها على عملها وعلى المسار الذي قطعته خلال حياتها"، مشيرة إلى أن طريقته في مهاجمتها "تقول الكثير عن تحيّزه الجنسي ضد النساء وعن عنصريته".
وأضافت: "كلّ ما استطعت بناءه منذ خروجي من المخيم الفلسطيني يزعج آرتور، ويزعجه أيضاً أنني أذكّر الجميع بالمكان الذي جئتُ منه". كما شاركت الحقوقية الفلسطينية العديد من التدوينات التشهيرية التي نُشرت ضدّها، إلى جانب تذكيرها بالسجلّ القضائي والحقوقي لبعض أبرز مَن حرّضوا عليها، مثل آرتور نفسه، الذي سبق له أن اتُهم بالتهرّب الضريبي.
ريما حسن أعلنت، في الوقت نفسه، رفع دعوى ضدّ الإعلامي آرتور بهدف إدانة التشهير الذي تعرّضت له من قِبَله، والذي من شأنه "أن يُضرّ بصورتها وسُمعتها"، بحسب ما أورده محاميها الموكل برفع هذه الدعوى ياسين بوزرو.
وتضامنت شخصيات فرنسية عدة مع حسن، ومن ذلك بيانٌ وقّعته 500 شخصية، من بينها شخصيات سياسية وأعضاء برلمان وممثّلو أحزاب، مثل مارين توندولييه، الأمينة العامّة لحزب الخضر الفرنسي، ومانون أوبري، العضوة في البرلمان الأوروبي.
⚠️ RT
— Rima Hassan (@RimaHas) February 3, 2024
Je vous annonce avec colère et tristesse que toute la cérémonie de remise des trophées Forbes destinée à récompenser les 40 femmes françaises de l’année pour leur engagement, leur parcours et leur carrière, a été annulée en raison des pressions et intimidations de ces…
ريما حسن المولودة عام 1992 في مخيّم النيرب للّاجئين الفلسطينيين بالقرب من حلب، شمال سورية، حقوقيةٌ متخصّصة بالقانون الدولي. انتقلت مع عائلتها إلى فرنسا وهي في سنّ العاشرة، وأنشأت عام 2019 "مرصد مخيّمات اللاجئين"، ثم منظمة "العمل فلسطين ـ فرنسا" عام 2023. وكانت "فوربس" قد اختارتها كإحدى أبرز الشخصيات النسائية المؤثرة في فرنسا لعام 2023 بناءً على المسار الاستثنائي الذي قطعته منذ خروجها من المخيّم، هي التي اختارت أن تكون مهمّتها في الحياة "التحقيق والتوعية بأحوال مخيمات المنفيين حول العالم"، كما تكتب المجلة الأميركية.
أمّا آرتور، واسمه الحقيقي جاك الصبّاغ، فهو مقدّم ومنتِج برامج ترفيهية تلفزيونية وإذاعية. وُلد عام 1966 في الدار البيضاء، في المغرب، لعائلة مغربية يهودية هاجرت إلى فرنسا عام 1967. يُعَدّ من الوجوه الإعلامية التي لا تخفي دعمها لإسرائيل في الحرب التي تشنّها منذ أكتوبر/ تشرين الأول على غزّة. وسبق أن اتُهم، عام 2009، بتقديم دعم مالي لجهات إسرائيلية، دعماً للحرب التي كان يشنّها الكيان الاستعماري آنذاك على غزّة.