من حضر الحفل سيتأكد أنّ التأخير الذي رافق أغلب حفلات زياد لا علاقة له به، بل بالجمهور. إذ يمكن القول إنّ الجمهور اكتمل حضوره عند العاشرة والربع، علماً أنّ الحفل يبدأ عند التاسعة. أما بالنسبة لمكان الحفل، وسط بيروت، الذي يطرح علامات استفهام حول مواقف زياد السياسية، فهو أمر محصور بزياد الرحباني السياسيّ لا الموسيقيّ. إذ إنّه يشارك ضمن مهرجانات تقوم بتحديد أمكنة الحفلات وحدها ضمن برنامجها الخاصّ وتنظيمها اللوجستي.
"وليس غدا" كان عنوان الحفل الموسيقيّ، وهو كلام قد ورد في أغنية "سيفٌ فليُشهر"، وهي من أعمال الأخوين الرحباني تأليفاً ولحناً، وغنّتها فيروز في العام 1966 للمرّة الأولى، في معرض دمشق الدولي. وهي أغنية ثورية تطالب بحق العودة، وفي ذلك العام لم تكن غزّة ولا الضفّة الغربية تحت الاحتلال بعد. تقول الجملة الأساس في الأغنية: "الآن الآن و ليس غداً/ أجراس العودة فلتقرع/ أنا لا أنساك فلسطين ويشدّ يشدّ بي البعدُ".
بدأ الحفل مع منال سمعان بأغنية "رح نبقى سوا"، وهي أغنية وطنية ومن أبرز الأغنيات التي غنّتها فيروز للشاعر جوزيف حرب، وهي من تلحين زياد الرحباني. وقدّم الأخير 17 أغنية، 5 من أعمال الأخوين الرحباني وهي: "فايق ولا ناسي" ومقدّمة "صحّ النوم" و"يا شاويش الكاركون" و"يارا" و"شالك لحلح". وقدّم حازم شاهين أغنية "راجعة بإذن الله" منفرداً و"أهو ده اللي صار" مع شيرين عبده، وهي من كلمات المسرحي المصري بديع خيري، وألحان سيّد درويش. وقد غنّت فيروز سابقاً عملين من كلمات الراحل بديع خيري "أهو ده اللي صار" و"الحلوة دي".
أما باقي الأغنيات فكانت من أعمال زياد الرحباني كلاماً وتلحيناً، إذ قدّم: "ضاق خلقي يا صبي" بصوت شيرين عبده، ثمّ قدم معزوفة "أمرك سيدنا" التي كان قد أنتجها في العام 1985 ضمن مسرحية "أبطال وحرامية"، بطولة الممثل أنطوان كرباج.
وتابع الحفل بموسيقى "أسعد الله مساءكم"، ثمّ "قصة زغيري كتير"، وهي من آخر أعمال زياد ضمن ألبوم فيروز الأخير: "إيه في أمل - 2010". بعدها عزف Jam71 التي يسمّيها باللغة العربية "مهووس"، وغنّت من بعدها منال "لا والله"، من كلمات زياد الرحباني" و"بكتب اسمك يا حبيبي"، وهي عمل للأخوين الرحباني بالأصل، لكنّه أعاد توزيعها واستبدل بعض الكلمات في ألبوم "إيه في امل"، و"حبيتك تنسيت النوم"، وهي من ألحان زياد وكلمات جوزيف حرب.
من الصعب إرضاء الجمهور ضمن قائمة أغنيات حفل واحد. فالبعض تمنّى سماع "هدوء نسبي" أو "وحدن" وهي من كلمات طلال حيدر، وهي من أهم الأعمال التي ساهمت في تميّز زياد على صعيد التلحين. بالإضافة إلى "عندي ثقة فيك" و"كيفك إنت" و"زعلي طول انا وياك". ولا بأس لو سمعنا "بعتلك" حيث يظهر حبّ زياد لسيّد درويش. إذ إنّ الأغنية تعتمد مقام الحجاز، بنكهة مصرية إذا صحّ التعبير.
لم يهمل زياد الموسيقى الشرقية في ألحانه التي خلقت نوعا جديدا من الجاز الخاصّ به، علما أنّه ليس هناك جاز شرقي أو غربي، بل هناك جاز فقط، يملك كلّ هذه الخلطات الموسيقية بطرح مميّز وراقٍ.
(التقرير: تصوير ومونتاج زكريا جابر)