بدأ التحوّل نحو المدوّنات الصوتية (بودكاست) عام 2016، ليُصبح تدريجياً، مع وصول العام 2020، طاغياً على التواصل الإعلامي، في ظلّ تحول الكثير من وسائل الإعلام إليه، ليكون قريباً من السمع، وبعيداً عن القراءة الطويلة أو المشاهدة التي تستدعي التسمّر أمام الأجهزة. لكنّ التحوّل من التواصل الاجتماعي المكتوب والمشاهَد إلى الصوتي، لم يستغرق الوقت نفسه، إذ تستعدّ العشرات من الشركات حول العالم لإدماج هذه الميزة بين تطبيقاتها. يأتي ذلك بعد الشعبية الواسعة التي حاز عليها تطبيق "كلوب هاوس"، والذي يعتمد على التواصل الصوتي المباشر بين المستخدمين، في غرفٍ محددة العناوين.
منتصف فبراير/ شباط الماضي، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن شركة "فيسبوك" تتطلع إلى حجز مكان لها في مجال شبكات التواصل الاجتماعي الصوتية، بعد الصعود السريع في شعبية تطبيق "كلوب هاوس". وطلب المسؤولون التنفيذيون في "فيسبوك" من الموظفين إنشاء نسخة من "كلوب هاوس"، وفق ما نقلت "نيويورك تايمز" عن مصادر لم تسمّها مطلعة على المسألة. وقالت متحدثة باسم "فيسبوك" للصحيفة الأميركية إن الشركة "تسهل تواصل الأشخاص بالصوت والصورة منذ سنوات، وتستكشف دائماً طرقاً جديدة لتحسين هذه التجربة".
من جانبه، يختبر موقع "تويتر" علناً منافساً لخدمة البث الصوتي متنامية الشعبية "كلوب هاوس"، وهو جعل الخدمة حصرية لمستخدمي "أندرويد"، محاولاً الاستفادة من الفراغ الذي تركه "كلوب هاوس" للنصف الآخر من مستخدمي التطبيقات. ومثل "كلوب هاوس"، توفر Spaces لمستخدمي "تويتر" مكاناً يمكنهم فيه التحدث إلى الأشخاص باستخدام الصوت. وتأتي "سبايسز" بميزات إضافية من أجل محاولة منافسة "كلوب هاوس"، من بينها نصوص الترجمة الفورية المولّدة بالذكاء الاصطناعي. وتقول "تويتر" إن المزيد من الميزات سوف تأتي قريباً، فيما لم ترشح معلومات بعد حول متى تتاح الخدمة في نسخة الحواسيب.
والخميس الماضي، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر مطّلعة على المسألة، أنّ شركة "بايتدانس" الصينية، المالكة لـ"تيك توك"، تطوّر تطبيقاً مشابهاً لـ"كلوب هاوس" الأميركي الذي يحقق نجاحاً واسعاً في الفترة الأخيرة. وقال مصدران لـ"رويترز"، رفضا الكشف عن اسميهما، إن خطط "بايتدانس" لاستنساخ "كلوب هاوس" لا تزال في مراحلها المبكرة. وأشار أحدهما إلى أن المناقشات حول "تيك توك" و"بايتدانس" عبر "تيك توك" أثارت اهتمام المسؤولين التنفيذيين في الشركة، وبينهم الرئيس التنفيدي تشانغ يى مينغ.
ولم تعلق "بايتدانس" على المسألة. لكن يتوقع أن تنفرد التطبيقات المماثلة في الصين بخصائص محلية، تستوعب الرقابة الحكومية. علماً أن التطبيق الأميركي مُنع في الصين، في فبراير/ شباط الماضي، بعدما جذب مستخدمي الإنترنت الصينيين لمناقشة المواضيع المحظورة بحرية، بما فيها الاحتجاز الجماعي للإيغور والاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في هونغ كونغ ومفهوم استقلال تايوان.
وشهد تطبيق "كلوب هاوس" الأميركي الذي أُطلق في أوائل عام 2020 زيادة هائلة في عدد المستخدمين في فبراير/ شباط الماضي بعدما عقد الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" إيلون ماسك، والرئيس التنفيذي لشركة "روبن هود" فلاد تينيف، مناقشات مفاجئة على تلك المنصة. كذلك استخدم التطبيق مؤسس "فيسبوك" نفسه مارك زوكربيرغ، للحديث عن الواقع المعزّز والافتراضي.
ولا يمكن الدخول إلى غرف الدردشة الخاصة بالتطبيق إلا من خلال دعوات من الأعضاء الحاليين. والتواصل عبره يقتصر على الصوت، إذ لا يمكن مشاركة صور أو فيديوهات أو كتابات. والتطبيق متاح حالياً فقط عبر أجهزة "آبل". ولا تغري هذه الشعبية المتنامية للتطبيق الجديد هذه الشركات الشهيرة فقط لاستنساخه، إذ أطلقت خلال الشهر الماضي أكثر من 10 تطبيقات مماثلة.