صالات السينما في القامشلي: مقاعد فارغة وشاشات منسية وعشاق الفن السابع يبحثون عن بدائل
- حادثة حريق في سينما شهرزاد عام 1960 أدت إلى وفاة 280 شخصًا، مما تسبب في نفور الأهالي من السينما وأثر سلبًا على صالات العرض.
- عشاق السينما في القامشلي يتجهون إلى إنشاء مراكز ونوادي سينمائية خاصة بعد الثورة السورية، للحفاظ على الثقافة السينمائية وتوفير فضاء للعروض والنقاشات الثقافية.
مقاعد فارغة، وشاشة كبيرة نسيت الألوان والحركة، وأبواب مغلقة إلا من عشاق الحنين إلى الماضي؛ هو الحال بالنسبة لصالات السينما في مدينة القامشلي السورية الواقعة في محافظة الحسكة شمال شرقي البلاد.
تُعرف مدينة القامشلي بحراكها الثقافي النشط منذ بدايات القرن الماضي، فازدهرت فيها حركة الفن والثقافة وخرّجت أجيالاً من المبدعين والأدباء والمثقفين، وكانت من أوائل المدن السورية التي دخلت إليها السينما، بيد أن صالات السينما في المدينة اليوم باتت مهجورة لأسباب متراكمة، سنتعرف عليها من خلال عشاق السينما في المدينة والعاملين في مجالها.
يشير الكاتب عبد الحكيم بيجو، وهو أحد أبناء المدينة، بأن القامشلي كانت فيها ثلاث صالات للسينما، هي "دمشق" و"شهرزاد" و"حداد"، يقصدها عشاق الفن السابع في القامشلي لمتابعة الأفلام التي كانت تُعرض في ذلك الوقت، إذ يعود إنشاء صالات السينما في المدينة إلى عشرينيات القرن الماضي، بحسبه. ويلفت بيجو في حديثه لـ"العربي الجديد"، بأن التطور التكنولوجي ودخول التلفزيون ومن ثم أجهزة الفيديو وبعدها الإنترنت إلى حياة الناس، جعلا ارتياد السينما أمراً نادراً، قبل أن ينتهي الحال بصالات السينما بإغلاقها أو هجرانها.
يستذكر محمود حسن، وهو مهندس من أبناء القامشلي، حضوره العروض السينمائية في نهاية خمسينيات القرن الماضي، داخل سينما شهرزاد في بلدة عامودا التي تبعد كيلومترات قليلة عن القامشلي وتتبع لها. لكن حادثة مفجعة ألمّت بتلك السينما وسكان المدينة، عند عرض الفيلم المصري شبح آخر الليل في نوفمبر/تشرين الثاني من 1960، الذي كان من المقرر أن تذهب عائداته لدعم الثورة الجزائرية التي كانت مندلعة آنذاك.
أثناء العرض، اندلع حريق في صالة السينما حيث قضى 280 شخصاً بينهم 200 طفل من طلاب المرحلة الابتدائية، حينها باتت السينما شؤماً بالنسبة لسكان البلدة، وبات الأهالي يمنعون أولادهم وأنفسهم من الذهاب إلى صالات السينما، حتى بداية ثمانينيات القرن الماضي. لكن حسن يذكر أيضاً في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه بعد ذلك، تقلّص الإنتاج السينمائي في سورية، وقلّ الاهتمام بالسينما، وتقلصت المواد المكتوبة من أجل السينما.
إغلاق صالات السينما في القامشلي دفع عشاق الفن السابع إلى افتتاح مراكز خاصة وصالات صغيرة اتخذوها أماكن للتجمع وحضور أفلام بشكل أسبوعي ومناقشة آخر أخبار السينما، فكان نادي قامشلي السينمائي ومركز يك بار ومراكز عدة أخرى تعويضاً عن غياب الصالات الرسمية، وتلك المراكز حضرت بعد اندلاع الثورة السورية.
تشير الممثلة السينمائية، نجبير غانم، إلى أن صالات السينما في مرحلة من المراحل باتت ترتبط بسمعة غير جيدة، في إشارتها إلى بعض العروض التي توصف بالمخلّة وكانت تُعرَض في مراحل لاحقة، وكان الأهالي يحذرون أبناءهم من الذهاب إلى الصالات بناء عليها.
وتشير غانم لـ"العربي الجديد" إلى أن دور صالات السينما انتهى قبل اندلاع الثورة السورية بقليل، نتيجة عوامل عدة من بينها عامل "السمعة" الذي تحدثت عنه، لكن بعد الثورة بدء الاهتمام بالسينما والعروض السينمائية، وحدث ما يشبه التغير في الفكرة النمطية عن ذلك، وبالتالي افتتحت بعض المراكز الثقافية والنوادي، التي باتت تعرض الإنتاجات السينمائية بالرغم من عدم وجود صالات سينما في المدينة.