أعلن صحافيو الداخل الفلسطيني، منذ ليل أمس، عن انسحابهم ومقاطعة بيانات الشرطة الإسرائيلية، احتجاجاً، وتعبيراً عن رفضهم التعامل مع بيانات الشرطة التي تبرر سهولة الضغط على الزناد ضد الفلسطينيين والعرب، وتحاول تجميل سلوك الشرطة العدائي والمتورط في الجريمة من خلال البيانات الرسميّة. ويأتي ذلك خصوصاً بعد جريمة قتل الطالب أحمد حجازي قبل يومين.
وتعيش مدينة طمرة في الجليل بالداخل الفلسطيني حالة من الغضب، احتجاجاً على مقتل الشاب أحمد حجازي (22 سنة) برصاص الشرطة الإسرائيلية، وإصابة آخرين بجروح، خلال مطاردة الشرطة لـ"مشبوهين".
وتشهد الفترة الأخيرة اعتداءات متكررة على الصحافيين العرب في الميدان، فتم الاعتداء على ثلاثة صحافيين، في الفترة الأخيرة، خلال تغطية المظاهرات ضد العنف وغيرها، ومنهم الصحافية ريهام عثامنة في الناصرة، والصحافي معتصم مصاروة وتامر مقالدة في تغطية مظاهرات أم الفحم.
وجاء في بيان رابطة صحافيي الداخل: "نعلن نحن الصحافيين، المراسلين والإعلاميين من مختلف وسائل الإعلام وجميع أنواعها، خروجنا بشكل جماعي واحتجاجي من مجموعات الشرطة الإعلامية".
وبحسب الصحافيين، "تأتي هذه الخطوة كوسيلة احتجاج واستنكار على جرائم القتل وانتشار الجريمة المنظمة في المجتمع العربي، الذي يمزّق مستقبله تحت أعين الشرطة، أو بتواطئها في مكافحة الإجرام المنظم، أو من خلال سهولة الضغط على الزناد التي يبديها عناصر الشرطة، الذين لا يخرجون عن سياق نهج ممأسس". كما تأتي "رفضا لجميع البيانات الصادرة التي تدافع عن سياسة سهولة الضغط على الزناد عندما يكون المسدس موجّها نحو العربي، وأيضا البيانات المدافعة عن جرائم الشرطة، وآخرها المغدور أحمد موسى حجازي، وهو ليس الأول، ويبدو أنه لن يكون الأخير".
وأضاف البيان "إن مسارعة الشرطة إلى إصدار بيان يتهم ضحايا سقطوا بنيرانها بأنهم مشتبه بهم، يشير بوضوح إلى أي سياسة تتعامل بها المؤسسة الأمنية تجاه المواطن العربي في هذه البلاد، وإصرار الشرطة في بياناتها على إصدار صك براءة لأفرادها، ويضاف إلى ذلك تعامل المؤسسة الأمنية وأذرعها في التحقيق بهذه الجرائم يشير بوضوح إلى تواطؤ مؤسسة رسمية بأكملها".
وتقول مديرة مركز إعلام، خلود مصالحة: "في الصحافة والإعلام هنالك عدة مصطلحات مهمة، أهمها المهنية والموضوعية والانحياز. الصحافيون أمس انحازوا في قضيتهم إلى الضحية، أي المجتمع العربي. وأيضًا طالبوا بالتعامل مع ملف العنف بموضوعية، هم بالمحصلة من ينقل الوقائع، ولنقل الوقائع بمهنية عليهم الحصول على معلومات مهنية، الأمر الذي تمنعه الشرطة، وعوضًا عن التعامل مع الملف فرضت أمر منع من النشر، عتمت على القضية لكي تغطي على أفرادها، ومن حق الصحافيين العرب رفض هذا التصرف والمعارضة له.
وتضيف "هذه الخطوة تكتيكية لتعزيز وتحسين مكانتهم وتعامل الشرطة معهم، كون وظيفتها أن تقدم لهم المعلومات. الشرطة على أرض الواقع تعتدي على صحافيي الداخل، وتمنع نشر معلومات مهمة، وتصدر أوامر منع نشر متكررة، كي لا تظهر تقصير الشرطة. إضافةً إلى أنها ترسل البيانات متأخرة بالعربية، ولكن تصدرها باللغة العبرية أولا. الشرطة تستخف بتعاملها مع الصحافيين العرب والإعلام العربي ككل".
من جهته، يقول الصحافي عمر دلاشة، من موقع "عرب 48": "إن الخطوة على ضوء البيانات المتسرعة التي نشرتها الشرطة في أعقاب قتل الطالب أحمد حجازي. وهي ليست المرة الأولى التي تسارع الشرطة في إصدار بيان تتهم فيه الضحية. وكلنا نذكر حادثة قتل المربي يعقوب أبو القيعان من النقب واتهامه بأنه داعش. في الأمس، سارعت الشرطة واتهمت الطبيب عرموش والضحية أحمد حجازي بأنهما مشتبهان بإطلاق النار تجاه الشرطة. علما أن لا صلة لهما بالحادثة. وسرعان ما خرجت الشرطة أن الطبيب عرموش وحجازي لا علاقة لهما. بيانات الشرطة تتم عن سياسة ممؤسسة تتبعها الشرطة عندما يكون الضحية عربيا. عليه نحتج نحن الصحافيين العرب على التعامل معنا وكل ما يتعلق بالمجتمع العربي".
وتقول الصحافية ريهام عثامنة، من "موقع بكرا": "قامت الشرطة بالإعتداء عليّ خلال عملي أثناء تغطية زيارة بنيامين نتنياهو في الناصرة، وصادروا حتى بطاقتي الصحافية لفترة. وذلك لأنهم لا يريدون أن ننشر صورا وفيديو لاعتداء الشرطة الوحشية التي كانت هناك على المتظاهرين في الناصرة. الحقيقة أن الشرطة الإسرائيلية تتعامل بوحشية مع الصحافيين وتقمعهم لكي تعرقل عملهم، رغم أن في البدايات تتظاهر بأن تعاملها مع الصحافيين بشكل حيادي. والقمع وعرقلة عمل الصحافيين في الميدان نشهده بشدة في الفترات أكثر في المدة الأخيرة".
ويؤكد رشاد عمري، محرر صحيفة "المدينة"، من جهته: "لم أكن ولا مرة في مجموعات الناطقين بلسان الشرطة، ولا أسمح لنفسي بالانضمام إلى مثل هذه المجموعات. لكن خروج الصحافيين العرب من هذه المجموعات خطوة في الطريق الصحيح. ولا أحمل أيضا بطاقة صحافية حكومية إسرائيلية ولا أريد ذلك".