صوت النساء يصدح عبر أثير إذاعة بيغوم في كابول

22 ديسمبر 2021
لا تنطق عبر الإذاعة إلا النساء (هيكتور ريتامال/فرانس برس)
+ الخط -

عبر أثير إذاعة "بيغوم"، يصدح صوت النساء الأفغانيات في برامج موجّهة لهنّ ودروس للفتيات المحرومات من الذهاب إلى المدرسة ونصائح نفسية من قلب حيّ شعبي في كابول، بموافقة من حركة طالبان المتطرّفة الحاكمة.

وتلفت حميدة أمان، وهي مؤسسة إذاعة "بيغوم" التي لا تنطق عبرها إلّا نساء، إلى أن لقب "بيغوم" الأرستقراطي من آسيا الوسطى وآسيا الجنوبية "كان يُستخدم لمناداة نساء المهراجا". وتوضح "اختير هذا الاسم لتعظيم المرأة".

انطلقت الإذاعة في يوم المرأة العالمي في 8 آذار/مارس، غير أن النساء في أفغانستان عُدن إلى الظلّ بعد نحو خمسة أشهر مع عودة حركة طالبان إلى السلطة في منتصف آب/أغسطس المنصرم.

وتقول أمان التي عادت إلى كابول بعد سقوط أول نظام لطالبان عام 2001 وترعرعت في سويسرا عقب هرب عائلتها من أفغانستان "لا نستسلم".

إذاعة في أفغانستان
حميدة أمان (هيكتور ريتامال/فرانس برس)

وأصبحت الإذاعة متنفسّا أساسيًا جدًا أكثر من أي وقت مضى، خصوصًا للفتيات. وبينما لم تعد المدارس الرسمية فتح أبوابها أمام تلميذات المرحلة المتوسطة والثانوية، يتحوّل استوديو التسجيل في إذاعة بيغوم مرّتين يوميًا إلى حصة دراسية.

ست فتيات وثلاثة صبيان أعمارهم بين 13 و14 عامًا يتابعون في كتابهم بينما تتكلّم المذيعة على الهواء. حصّة اليوم تتناول العدالة الاجتماعية التي "هي عكس التطرّف"، حسبما توضح المذيعة البالغة من العمر 19 عامًا والتي كانت طالبة صحافة منذ بضعة أشهر. وتسأل "ما هي العدالة في الإسلام؟".

يتحوّل استوديو التسجيل في إذاعة بيغوم مرّتين يوميًا إلى حصة دراسية (هيكتور ريتامال/فرانس برس)

وتقول مرسال (13 عامًا) التي تتابع حصصًا تعليمية منذ شهرين في الاستوديو "المقررات المفضلة لدي هي اللغة الدرية واللغة الانكليزية والرياضيات" وتتابع "أشعر بالأسى منذ أن أُغلقت المدارس. إنّهم يحرموننا من الدرس".

وتتوجه لأفغانيات جيلها بالقول "اسمعن هذه الحلقة بانتباه لتستفدن من هذه الفرصة لمواصلة التعلّم". أمّا مرسال، فتطلب من حركة طالبان "إعادة فتح مدارسنا".

وتُقرأ أيضًا نصوص للبالغين عبر أثير الإذاعة مثل كتاب مذكرات ميشيل أوباما "بيكامينغ" التي تقرأه مديرة الإذاعة سابا شمان (24 عامًا) باللغة الدرية.

إذاعة في أفغانستان
مديرة الإذاعة سابا شمان (يمين) وزميلتها (هيكتور ريتامال/فرانس برس)

وأحد البرامج التي تفتخر بها هذه الأخيرة هي برامج الدعم النفسي للمستمعات اللواتي يستطعن أن يتّصلن بالإذاعة وطرح الأسئلة والتحدّث عن مشاكلهنّ.

وتحدّثت سابا عن أهمية التعليم في إحدى الحلقات. ففي العام 2016، 18% فقط من الأفغانيات كنّ يُتقنّ القراءة والكتابة مقابل 62% من الرجال المتمرّسين بالقدرات ذاتها، بحسب وزارة التعليم حينذاك.

تتصلّ إحدى المستمعات لتقول "الأشخاص الذين لم يتعلّموا القراءة يشبهون العميان"، مضيفة "يُعطيني الصيدلاني دائمًا أدوية منتهية الصلاحية، لكن لو كنت أجيد القراءة، لما كان فعل ذلك".

وتشير أمان إلى أن "هذه الإذاعة تجمع صوت النساء ووجعهنّ وإحباطهنّ".

وتتابع شمان "أملي الوحيد في الوقت الحالي يكمن في أنني أعلم أنني أقوم بشيء مهم في حياتي لمساعدة الأفغانيات".

وتعتبر عشرات الموظفات في الإذاعة أنهن محظوظات لايجادهنّ فرصة العمل هذه فيما العديد من النساء لم يعدن إلى العمل منذ وصول حركة طالبان إلى السلطة.

ومنحت حركة طالبان في أيلول/سبتمبر الإذن لإذاعة بيغوم لتبثّ برامجها.

قبل شهر آب/أغسطس، كانت موظفات إذاعة بيغوم يعملن مع زملائهنّ الرجال في إذاعة تتوجه للشباب والشابات. أمّا الآن، فأصبحن مفصولات عنهم بجدران. فكلّ يعمل من طابق معيّن بحسب جنسه. ووُضعت ستارة كبيرة أمام مكتب النساء.

وتقول حميدة أمان "نضع موسيقى أكثر هدوءا" فحلّت الأغنيات التقليدية محلّ أغاني البوب.

والتقت مؤسسة إذاعة بيغوم في تشرين الثاني/نوفمبر الناطق باسم حكومة طالبان ذبيح الله مجاهد. وتوضح أنها أعلمته بأن الإذاعة "تعمل على إعطاء صوت للنساء من أجل الحديث عن حقوقهنّ" وأنه "كان مشجّعًا جدًا للفكرة، وقال إنه أمر مهمّ". وتضيف "يجب أن نظهر بأننا لا يجب أن نخاف. يجب احتلال المساحات العامة. العديد من الناس، خصوصًا الشباب والشابات، يشعرون بالرعب من طالبان".

تدعو مؤسسة الإذاعة إلى احتلال المساحات العامة (هيكتور ريتامال/فرانس برس)

وتبثّ الإذاعة برامجها التي تنقل مباشرة عبر موقع فيسبوك في كابول والجوار، مع هدف التوسع لوصول البثّ إلى مناطق ريفية.

غير أن الصعوبات الاقتصادية والقيود التي تفرضها حكومة طالبان تحول دون استمرارية وسائل الإعلام الخاصة، ما يثير مخاوف على الإعلام في أفغانستان.

وتواصل حميدة امان البحث عن مصادر تمويل الإذاعة، لأنها لم تعد مُموّلة من الإعلانات. وإذا لم يؤمّن التمويل في الأشهر الثلاثة المقبلة، سيتوقّف البثّ ويتوقّف معه مدى الحرية البسيط الذي تتوق النساء الأفغانيات له.

(فرانس برس)

المساهمون