يبدو أن الممثل السوري عباس النوري، قد اتخذ قراراً بالقطيعة النهائية مع السلسلة الدرامية السورية الشهيرة، "باب الحارة"، بعد انتقالها منذ الجزء العاشر إلى منتج وصناع جدد. غير أن النوري أظهر انزعاجاً من تلك القطيعة، التي من غير المعروف ظروفها ومن قررها أولاً، سواء أكان هو، أو الجهة المنتجة والصناع الجدد للعمل. بدا ذلك من خلال الهجاء الحاد الذي كاله النوري لـ "باب الحارة"، معتبراً إياه "سندويشة فلافل بايتة".
وخلال لقاء تلفزيوني لبرنامج "إنسايدر بالعربي"، على قناة دبي، تناول مشاركته في العمل الدرامي البيئي "حارة القبة" الذي سيبدأ عرضه في الموسم الرمضاني المقبل. رفض النوري مقارنة دوره في العمل الجديد، بدور "أبو عصام" في باب الحارة، وحتى المقارنة بين العملين، وبدا متحاملاً على العمل الشعبي الشهير الذي شارك فيه لستة مواسم، كان آخرها الموسم التاسع من العمل. وكان النوري غاب عن ثلاثة أجزاء، الثالث والرابع والخامس، لمشاكل مع المخرج والجهة المنتجة حينها، قبل أن يعود في الجزء السادس ويكمل حتى التاسع.
وقال النوري خلال اللقاء، إن باب الحارة بات "سندويشة فلافل بايتة، ومرمية في البراد صرلها عشر سنين ما حدا دقرها (لم يلمسها أحد)".
ويظهر النوري، بهذا الموقف، ببرغماتية زائدة، "ينقل البندقية من كتف إلى كتف"، إذ لا يمكن له، بحال من الأحوال، هجاء العمل أو انتقاده من باب الهجاء لدراما البيئة الشامية، وفي مقدمتها "باب الحارة"، التي قدمت مغالطات درامية وتاريخية كبيرة، عن الحياة الاجتماعية، التي كان يعيشها السوريون خلال الفترة الزمنية التي تناولها العمل، ولا حتى على استهلاك الفكرة طويلاً من خلال أجزاء متعددة، باتت مملة هدفها تجاري وربحي، بشكل لا يمكن إخفاؤه.
ينخرط النوري في عمل من هذا النوع أساساً (حارة القبة، عمل بيئة شامية صرف)، ومن المتوقع أن يمتد لعدد من الأجزاء قد تصل إلى خمسة على أقل تقدير. وقد انتهت المخرجة رشا شربتجي، ومعها طاقم العمل، منهم النوري، من تصوير جزءين من المسلسل قبل البدء بعرضه في الموسم القادم، بعد قرابة شهر من الآن.
أكثر ما يمكن الدفاع عنه من قبل النوري، عن هجومه على باب الحارة ومشاركته في حارة القبة في آن، هو الادعاء بالتجديد وتقديم صورة مختلفة عن أعمال البيئة الشامية، بشكل مغاير عن الأعمال السابقة في هذا النمط السوري، وتلك أسطوانة باتت مكررة ومملة أيضاً، إذ بات صناع هذا النوع من الأعمال، يبررون إنتاجها بذريعة تجديدها وتقديمها بنمط وصورة مختلفين. هذا ظاهرياً، أما الحقيقة فتكمن في سهولة ترويج مسلسلات البيئة الشامية في السوق الإعلامية، ولا سيما خلال المواسم الرمضانية، وهذا ما اعترفت به صراحة مخرجة "حارة القبة"، شربتجي، بوصفها أعمال البيئة الشامية بكونها "أونصة"، مضمونة التوزيع والمشاهدة.
وعلاوة على عمله كممثل في الدراما، بات النوري يقدم نفسه منذ اندلاع الحراك في سورية، على أنه سياسي يمثل نخبة مثقفة، وطرح آراء وشارك في فعاليات عديدة في هذا الإطار، وأثار كذلك جدالات كثيرة حول آرائه السياسية والدينية ونظرته إلى التاريخ العربي والإسلامي. ووصل به في أحد تلك الآراء للانتقاص من الانتصارات التي حققها المسلمون بقيادة القائد المعروف صلاح الدين خلال الحملات الصليبية على بلاد الشام، واصفا صلاح الدين بـ "الكذبة"، متهماً إياه بأنه حرر القدس صلحاً، وسلم الساحل السوري للصليبيين، وفند بذلك حقبة تاريخية تعود لأكثر من ألف عام من تاريخ سورية، متناولاً إياها بالنقد والاتهام بالتزييف، فيما شارك بنفسه في تزييف حقائق لا تبتعد عن ميلاده أكثر من ثلاثين عاما، بتقديم بيئته الشامية، التي تربى وترعرع فيها، من خلال مسلسل "باب الحارة"، بطريقة ممجوجة وسطحية، وإظهار شخوصها على أنهم لا همّ لهم سوى الدخول في "هوشات" الحارة، أو الانخراط بمثيلاتها مع الحارات الأخرى، وهذا منافٍ للواقع تماماً.