عادت الاتهامات الموجهة إلى الفنان الأردني عزيز مرقة إلى الواجهة خلال الأيام القليلة الماضية، قبل حفله في العاصمة عمّان الذي كان مرتقباً يوم غد الجمعة، قبل أن يعلن مرقة قبل ساعات عن احتمال تأجيله، ويوجه قبلها رسالة اعتذار عن الأخطاء التي "ارتكبها من دون تثبت منه للظروف التي أحاطت بالفعالية" التي أقامها في الداخل الفلسطيني المحتل عام 2019، فضلاً عن مقابلة أجراها مع صحيفة "هآرتس" العبرية حينها.
منذ مطلع سبتمبر/أيلول، علت الأصوات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تطالب بمقاطعة حفل عزيز مرقة المقرر في عمّان في العاشر من الشهر، وسط الاتهامات بالتطبيع التي وجهت إليه، على خلفية مشاركته في مهرجان "كريسماس ماركت" الذي أقيم في بلدة كفر ياسيف الواقعة في أراضي 1948، في 16 ديسمبر/كانون الأول 2019.
حينها، استنكرت "حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها"، المعروفة عالمياً بـ "بي دي إس"، إصرار مرقة على المشاركة في المهرجان المذكور، وقالت إنها تواصلت معه "موضحةً له أبعاد التطبيع الذي يوشك على التورط فيه. لكنه أصرّ على المضيّ قدماً وتقديم عرض ختام المهرجان متجاهلاً، لربما، المسؤولية الواقعة على عاتقه تجاه شعبه الفلسطينيّ الشقيق"، في بيان أصدرته في 18 ديسمبر/كانون الأول 2019.
وفي يناير/كانون الثاني 2020، أجرى مرقة مقابلة مع صحيفة "هآرتس" لتزيد موقفه سوءاً، إذ قال خلالها إنه "أجرى محادثة لطيفة مع مجندة على جسر اللنبي، وتشاركا الموسيقى المفضلة، وأخبرته أنها ستنضم للجيش الإسرائيلي قريباً، وقال لنفسه إن هذا لا يناسبها، لكنها مجبورة على فعل ذلك، الخوف يحول أي شخص لعدواني".
استعاد الناشطون مواقف مرقة هذه أخيراً، ما دفعه إلى إصدار بيان اعتذار عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي صباح أمس الأربعاء، قال فيه: "أود أن أعبر عن أسفي الشديد واعتذاري الأكيد عن الأخطاء التي ارتكبتها من دون تثبت مني للظروف التي أحاطت بالفعالية التي أقمتها بتاريخ 16-12-2019 لأهلنا في كفر ياسيف المحتلة من الداخل الفلسطيني بناء على دعوة من بلديتها".
وأضاف: "أؤكد أنني ضد التطبيع بكل أشكاله، قولاً وفعلاً، وأنني ملتزم من الآن فصاعداً بالمعايير التي أجمعت عليها الهيئات المناهضة للتطبيع مع العدو الإسرائيلي".
وأشار الفنان الأردني إلى أنه "لم يكن لديه في أي وقت من الأوقات علاقة بالكيان الصهيوني"، مشيراً إلى دخوله بلدة كفر ياسيف "عن طريق السلطة الوطنية الفلسطينية، حرصاً مني على عدم الحصول على التأشيرة من السفارة الإسرائيلية في عمّان".
كما قال إنّ "قبولي الحديث عبر الهاتف مع صحيفة (هآرتس) كان خطأ أعتذر عنه بشدة، خاصة أنني أعطيت لها الفرصة لتصيغ مقالاً مخادعاً، يوحي بأن هناك من يتقبل الاحتلال على أنه أمر واقع".
وختم قائلاً: "إنني أتحمل مسؤولية جميع الأخطاء المتعلقة بي من هذه القضية، ومرة أخرى أعتذر من كل قلبي لأهلي وشعبي الفلسطيني وأمتي العربية عن تلك التجربة المريرة التي آلمتنا جميعا، وكلي ثقة بالهيئات الفلسطينية والعربية والدولية المناهضة للتطبيع، وإنها أحرص ما تكون على التوعية وليس الإدانة، خدمة لقضيتنا العادلة وحقوقنا المشروعة".
ويبدو أنّ اعتذار مرقة الذي تأخر لعامين لم يخفف من حدة الانتقادات الموجهة إليه، فأعلن قبل ساعات عن "احتمال تأجيل فعالية الأردن"، على أن يعلن عن التفاصيل غداً، بعدما كان قد أكد سابقاً نفاد التذاكر كلها.
وأصدر "تجمع اتحرّك لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع" بياناً، أمس الأربعاء، أكد فيه أن مرقة تواصل مع منسق التجمع محمد عبسي وناشطي حركة المقاطعة "مبدياً استعداده للاعتذار عن كل الأخطاء التي ارتكبها سابقاً، وتم الحديث مطوّلاً حول جديّة اعتذاره من عدمها، وتم الطلب منه أن يعتذر بشكل صريح لا يشوبه أي شكل من أشكال التهكّم، كما فعل سابقًا، وأيضًا، أن يتعهّد بالالتزام بمعايير مقاومة التطبيع والمقاطعة".
ورحّب التجمع بالاعتذار الذي أصدره مرقة المقرون بالتزامه بمعايير المقاطعة المجمع عليها، ودعا إلى "وقف دعوات مقاطعته، والتعامل مع الاعتذار الذي نشره على محمل الجد".