- منظمة محامون بريطانيون من أجل إسرائيل ضغطت لإلغاء اللقاء لكنه أقيم بحضور لارا شيحا وآخرين، متحدين الضغوط والاتهامات الموجهة ضدهم.
- الجمعية الدولية للتحليل النفسي أدانت عملية طوفان الأقصى دون إدانة الإبادة الجماعية في غزة، معكسةً موقفاً معادياً للفلسطينيين، وهو نمط من العنصرية المعادية للفلسطينيين ليس بجديد.
تعمل جماعات الضغط الصهيونية وتلك المساندة للاحتلال الإسرائيلي، بلا ملل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لمحاصرة وتشويه كل النشاطات والتحركات المساندة للفلسطينيين في قطاع غزة، في وجه حرب الإبادة المتواصلة: من الاعتصامات في الجامعات، إلى الحفلات الفنية، والمواقف الإعلامية، تلاحق هذه الجماعات كل رأي يدين الاحتلال.
وآخر هذه المحاولات كانت في شمال لندن، وتحديداً في متحف فرويد، الذي يقع مقره في المنزل السابق لمؤسس مدرسة التحليل النفسي سيغموند فرويد. إذ إن المتحف قد أعلن عن إقامة لقاء يربط بين علم النفس والقضية الفلسطينية، وقد بيعت كل تذاكر النشاط قبل أيام من موعده، أي 15 مارس/ آذار الماضي.
وأرسلت منظمة محامون بريطانيون من أجل إسرائيل (UKLFI) رسالة إلى مدير المتحف جيسيبي ألبانو، في اليوم السابق للحدث (أي 14 مارس الجاري)، للاعتراض على اللقاء والمطالبة بإلغائه "حفاظاً على سمعة المتحف". وخصصت مديرة المنظمة كارولين ترنر بالذكر أستاذة علم النفس لارا شيحا المشاركة في اللقاء، خصوصاً أن شيحا تركت عملها في جامعة جورج واشنطن الأميركية، بعد حملة صهيونية ضدها غداة السابع من أكتوبر، بسبب تعليقاتها حول عملية طوفان الأقصى، واتهامها بـ"معاداة السامية" من قبل جماعات إسرائيلية.
وفي بيان لمنظمة محامون بريطانيون من أجل إسرائيل على موقعها الإلكتروني استعادت ترنر هذه الاتهامات ضد شيحا، واصفة إياها بأنها "متحدثة متطرفة، ولها تاريخ معاد للسامية ومؤيد للإرهاب".
أما منظّم اللقاء، لوك مانزاربور، من مجموعة العاملون الشيوعيون في مجال الصحة العقلية، فقال في حديث لموقع نوفارا البريطاني إن "التحليل النفسي بشكل عام غالباً ما يتخذ موقفاً مناهضاً لفلسطين". وفي هذا السياق، كان لهذا الحدث أهمية خاصة، وربما كان هذا هو السبب وراء استهدافه.
أما شيحا فقالت إن "أي شخص يتوقع مني أن أتعامل بكرامة وجدية مع المزاعم الخادعة، والمعادية للإسلام، والمروجة للكراهية ضد العرب، التي أطلقتها مجموعة من حراس الإبادة الجماعية المؤيدين لإسرائيل... فهو يقف في الجانب الخطأ من التاريخ"، وأشارت شيحا إلى نشاط UKLFI، التي سبق أن استهدفت المستشفيات والمعارض الفنية، التي كانت تضمّ أي علامة، لو صورة على الحائط، تشير إلى فلسطين.
ورغم أن اللقاء أقيم في موعده، إلا أن مخاوف كثيرة تسللت إلى إدارة المتحف. إذ طلبت من المنظمين الإعلان أن المكان لم يكن مرتبطاً بأي شكل من الأشكال بالمشاركين في حلقة النقاش أو بآرائهم، كما طلبت منهم التأكيد كتابياً أن الحدث يتوافق مع التشريعات البريطانية الخاصة بمكافحة الإرهاب، ومشاركة أسماء الحاضرين والامتناع عن تسجيل الحدث أو بثه.
وأبلغ المتحف منظمي اللقاء، في رسالة بالبريد الإلكتروني، أن "المتحف تلقى عدداً كبيراً من الشكاوى بشأن الحدث من رعاة وزوّار".
ورغم كل هذه الضغوط، أقيم اللقاء في موعده، وقد حضره 70 شخصاً (وهو الحد الأقصى الذي يمكن للمتحف استيعابه). وشارك فيه كل من لارا شيحا وزوجها اسطفان شيحا، والاثنان سبق أن أصدرا كتاب "التحليل النفسيّ تحت الاحتلال" (2023)، كما شاركت البروفيسورة الفلسطينية نادرة شلهوب كيفوركيان، التي سبق أن علقت الجامعة العبرية في القدس المحتلة عملها فيها، ثم تراجعت أخيراً عن قرارها، مؤكدة عودتها الفورية لمزاولة كل مهامها في الجامعة.
وقال اسطفان شيحا للجمهور الحاضر: "لقد مورست ضغوط على متحف فرويد للانحناء أمام السلطة الفاشية، لكنه رفض واتخذ الخيار الصحيح"، وأضاف: "مهم جداً أن متحف فرويد تحدّى الضغوط لإلغاء الحدث ووافق على استضافة ثلاثة عرب مطلوب منهم أن يقولوا إنهم ليسوا إرهابيين".
في 8 أكتوبر، أصدرت الجمعية الدولية للتحليل النفسي (IPA) بياناً يدين عملية طوفان الأقصى، لكنها لم تُدِن حتى الآن الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة. وبالنسبة للكثير من المحللين النفسيين، لم يكن موقف الاتحاد الدولي مفاجئاً، إذ إن الأمثلة على العنصرية المعادية للفلسطينيين في التحليل النفسي تعود إلى ما قبل 7 أكتوبر بكثير.
في عام 2001، ألغى متحف سيغموند فرويد في فيينا فعالية للمفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد بعد ظهور صور له وهو يرمي حجراً من جنوب لبنان باتجاه فلسطين المحتلة.
وكتب سعيد في ذلك الوقت: "لقد وُصِفت بأنني إرهابي يرشق الحجارة، ورجل عنف… في جوقة التشهير والباطل المألوفة والمعروفة لأي شخص تعرض لعداء الدعاية الصهيونية".