يعود كرنفال ريو دي جانيرو، أشهر كرنفالات العالم، يومي الجمعة والسبت معيداً أجواء الاحتفالات الصاخبة ورقصات السامبا الاستعراضية بعد توقفه سنتين بسبب جائحة كوفيد-19.
وسيهتز مدرج سامبودروم مجدداً لليلتين كاملتين، على وقع الآلات الإيقاعية، مع آلاف الراقصين بأزيائهم الاستعراضية والعربات المزينة التي توازي بطولها ارتفاع مبان متعددة الطوابق.
وألغيت نسخة 2021 من الكرنفال، عندما كان وباء كوفيد-19 لا يزال يودي بحياة المئات في البرازيل.
هذا العام، لم تُقم المسيرات قبل أربعاء الرماد عملاً بالتقاليد، بعد إرجاء الحدث شهرين بسبب زيادة الإصابات بكورونا جراء المتحورة أوميكرون.
وتقول تاليتا باتيستا، وهي راقصة من بورتيلا، إحدى أبرز مدارس السامبا التقليدية: "هذه عواطف مكبوتة منذ زمن طويل. سيتعين علينا شرب الكثير من الماء لتعويض الدموع التي سنذرفها عند العرض".
وتقول من جانبها بيانكا مونتيرو من مدرسة بورتيلا التي ستشارك في مسيرة استعراضية أمام مجموعة من ثلاثمئة عازف إيقاع: "سيكون كرنفالاً مميزاً للغاية، أشعر بأنني ناجية".
وترغب هذه الراقصة المتميزة التي فقدت أصدقاء وأفراداً من عائلتها خلال الجائحة، في "تكريم ضحايا كوفيد" الذي أودى بحياة أكثر من 660 ألف شخص في البرازيل.
لكنّ أكثر من 75% من البرازيليين باتوا مطعمين بالكامل وانخفضت نسب الوفيات والإصابات بشكل حاد.
لذلك سيتمكن حوالي 75 ألف متفرج من التجمع عند جادة سامبودروم، شرط أن يقدموا شهادة التطعيم.
وقال رئيس بلدية ريو دي جانيرو إدواردو بايس: "لقد اشتقت إلى ذلك، أحب الكرنفال. إنه حدث احتفالي يمثل هويتنا، هوية مدينة وبلد بأكمله".
في جادة السامبادروم حيث تنتشر مدرجات حول مضمار طوله 700 متر، ستستعرض 12 مدرسة واحدة تلو الأخرى، ست مدارس مساء الجمعة وست أخرى في اليوم التالي، في محاولة للفوز بلقب بطولة الكرنفال.
ولإقناع لجنة التحكيم، ستقدم كل مدرسة لأكثر من ساعة عروضها مع حوالى ثلاثة آلاف راقص بملابس شبه عارية وست عربات احتفالية ضخمة في كل ليلة.
هذا العام، اختارت ثماني مدارس من أصل 12 موضوعا مرتبطا بمكافحة العنصرية والجذور الأفريقية الضاربة بعمق في عالم السامبا.
على سبيل المثال، تقدم مدرسة سالغيرو في الليلة الأولى موكبا بعنوان "المقاومة" مستوحى من حركة "حياة السود مهمة" التي هزت الولايات المتحدة بعد وفاة جورج فلويد، وهو رجل أسود قُتل على يد شرطي أبيض في أيار/مايو 2020.
وقال المدير الفني لمدرسة "سالغيرو" أليكس سوزا: "لقد أثارت هذه القضية تعاطفاً كبيراً في جميع أنحاء العالم، ما انعكس على مدارس السامبا".
وستكرّم مدارس أخرى، مثل"غراندي ريو" و"موسيدادي"، رموزاً من الديانات البرازيلية الأفريقية.
يوضح المؤرخ لويز أنطونيو سيماس، وهو مؤلف كتب كثيرة عن الكرنفال، أن "مدارس السامبا مظهر من مظاهر الثقافة الأفريقية-البرازيلية".
وجرى تناول هذه الموضوعات في مسيرات كثيرة في الماضي، لكنها اكتسبت أهمية جديدة تماماً منذ وصول الرئيس اليميني المتطرف جايير بولسونارو إلى السلطة عام 2019.
ويحظى بولسونارو المعتاد على إطلاق تصريحات توصف بأنها عنصرية أو معادية للمثليين، بدعم من الكنائس الخمسينية الجديدة التي تميل إلى شيطنة الطقوس الأفرو - برازيلية والكرنفال بشكل عام.
ويشدد سيماس على أنه "في ظل الحكومة الحالية، يأخذ الكرنفال ذو الهوية السوداء القوية بعداً سياسياً كاملاً".
كما أن عودة احتفالات الكرنفال تشكل مصدر ارتياح لقطاع السياحة الذي يتوقع أن يبلغ الإشغال الفندقي نسبة 85% في نهاية هذا الأسبوع.
ولم يسمح مجلس بلدية ريو دي جانيرو بأنشطة كرنفال الشوارع التي يمكن أن تجمع أكبر مواكبها، "بلوكوس"، مئات آلاف المحتفلين. لكن لا يزال من الممكن لبعض المجموعات الأصغر أن تقدم عروضها في الشوارع.
(فرانس برس)