اتهمت الممثلة البريطانية شارلوت لويس، الثلاثاء، المخرج رومان بولانسكي باغتصابها عندما كانت مراهقة، وقالت إنها أصبحت ضحية "حملة تشهير" بعدما تحدثت عن الموضوع.
وقالت الممثلة، البالغة من العمر 56 عاماً، أمام محكمة جنائية في العاصمة الفرنسية باريس تنظر في قضية تشهير رفعتها لويس ضد المخرج الفرنسي البولندي: "لقد كاد أن يدمر حياتي".
ويواجه بولانسكي، الذي لم يحضر جلسة الثلاثاء، اتهامات بالتشهير بلويس بعدما اتهمته بإساءة معاملتها في ثمانينيات القرن الماضي.
وقالت لويس: "لقد اغتصبني"، موضحةً أنها اضطرت للصمت طويلاً قبل الكشف عن هذه الحادثة التي تقول إنها وقعت في باريس عندما كان عمرها 16 عاماً.
وأضافت الممثلة: "لم أكن أعلم أن ما حدث لي هو اغتصاب"، لكن "كنتُ أعلم أن أمراً سيئاً حصل".
وبولانسكي (90 عاماً)، مطلوب في الولايات المتحدة بتهمة اغتصاب فتاة كانت تبلغ من العمر 13 عاماً في 1977، ويواجه اتهامات أخرى عدة بالاعتداء الجنسي يعود تاريخها إلى عقود مضت، أي أنها تجاوزت مهلة التقادم، وهي اتهامات ينفيها كلها. وهو يعيش في أوروبا منذ عام 1978.
وفي رصيد المخرج أعمال كثيرة حققت نجاحاً كبيراً، من بينها أفلام حائزة على جوائز أوسكار "روزميريز بيبي" و"تشايناتاون" و"ذا بيانيست".
واتهمت لويس في عام 2010 بولانسكي بإساءة معاملتها "بأسوأ طريقة ممكنة" عندما كانت بعمر 16 عاماً في عام 1983 في باريس، بعدما سافرت إلى العاصمة الفرنسية للمشاركة في جلسة اختيار ممثلين. وهي شاركت في "بايرتس" عام 1986.
ورد المخرج على هذه الاتهامات، واصفاً إياها بأنها "افتراء مقيت"، وذلك في مقابلة عام 2019 مع مجلة باري ماتش.
وذكرت "باري ماتش" أن بولانسكي سحب نسخة من مقال نشرته عام 1999 صحيفة نيوز أوف ذا وورلد البريطانية التي توقفت عن الصدور، ونقل عن لويس قولها في المقال "كنت أريد أن أكون حبيبته".
وقالت لويس إن الاقتباسات المنسوبة إليها في تلك المقابلة لم تكن دقيقة.
وتقدمت بشكوى بتهمة التشهير، ووُجهت للسينمائي تلقائياً تهمة قضائية بموجب القانون الفرنسي.
"انهيار عصبي"
قالت لويس إن التغطية الإعلامية التي أعقبت حديثها عام 2010 أصابتها "بانهيار عصبي"، واضطر ابنها الذي كان عمره ستة أعوام آنذاك "إلى تغيير المدرسة لأن الجميع قرأوا المقالات".
وكانت مقابلة بولانسكي مع مجلة باري ماتش بمثابة "القطرة التي أفاضت الكأس".
وكان ستيوارت وايت، الذي كتب مقالة "نيوز أوف ذا وورلد" عام 1999، حاضراً في المحكمة أيضاً.
وقالت لويس: "المقابلة التي أجريتها مع ستيوارت وايت لم تكن تلك التي نُشرت في الصحيفة"، مضيفةً أنها اكتشفت المقال بعد سنوات من نشره.
سبق أن اتُهمت "نيوز أوف ذا وورلد" بالتشهير وتلفيق الاقتباسات، وقد اضطرت إلى التوقف عن الصدور في عام 2011 بعد اتهام موظفين فيها باختراق هواتف لاستخدام بيانات خاصة في مقالاتهم.
وقال وايت للمحكمة إنه أجرى مقابلة مع لويس مرتين بعدما دفعت الصحيفة 30 ألف جنيه إسترليني (38 ألف دولار بأسعار اليوم) في مقابل الحقوق الحصرية.
وشدّد على أنها وافقت على تصوير نفسها بمظهر "فتاة الرذيلة" في المقالة المنشورة في عام 1999، لكنّه قال إنه لا يتذكر ما إذا كانت قد طلبت منه الحصول على موافقتها على النص قبل نشره.
وأضاف وايت: "رأينا في ذلك قصة أخلاقية عن امرأة شابة يستخدمها رجال ونساء أشرار.. كان هذا هو النوع من الأمور التي كانت تحبها صحيفتي".
في عام 2010، قالت لويس إنها قررت التحدث علناً لمواجهة تلميحات فريق بولانسكي القانوني بأن قضية الاغتصاب عام 1977 كانت حادثة معزولة.
وتحدثت في لوس أنجليس في مكاتب غلوريا ألريد، وهي محامية رفيعة المستوى مثّلت أيضاً النساء اللواتي اتهمن المنتج الأميركي هارفي واينستين والنجم الكوميدي بيل كوسبي والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالاغتصاب.
وكان بولانسكي قد أوقف في سويسرا بموجب مذكرة دولية أصدرتها الولايات المتحدة في العام 2009، وكان قيد الإقامة الجبرية هناك في ذلك الوقت.
ورفضت سويسرا في النهاية طلب التسليم الأميركي.
احتجاجات علنية
لم تكن سويسرا الوحيدة التي رفضت تسليم بولانسكي إلى الولايات المتحدة، إذ رفضت فرنسا وبولندا بدورهما تسليم المخرج الشهير.
لكن خطط بولانسكي لترؤس حفلة "سيزار"، المعادل الفرنسي لجوائز الأوسكار، سقطت في أوائل عام 2017 تحت ضغط من ناشطات نسويات.
بين عامي 2017 و2019، تقدمت أربع نساء أخريات بادعاءات بأن بولانسكي اعتدى عليهن أيضاً في السبعينيات، ثلاث منهنّ كنّ قاصرات. وقد نفى جميع الاتهامات.
ومن بين هؤلاء الفنانة ماريان بارنارد، التي اتهمته بالاعتداء عليها جنسياً عام 1975 بعدما طلب منها الوقوف عارية عندما كانت في العاشرة من عمرها.
في حفلة "سيزار" لعام 2020، انسحبت الممثلة أديل اينيل احتجاجاً على حصول بولانسكي على جائزة عن فيلمه "جاكوز".
وابتعد المخرج في السنوات الأخيرة عن الأضواء، وعُرض فيلمه الأخير "ذا بالاس" للمرة الأولى رغم غيابه في مهرجان فينيسيا السينمائي الصيف الماضي.
وتأتي المحاكمة في قضية التشهير في وقت اهتزت فيه أوساط السينما الفرنسية بفعل اتهامات بالتستّر طويلاً عن انتهاكات جنسية في القطاع.
(فرانس برس)