قال باحثون إن الأدلة على فرص الحصول على مياه سائلة من الكواكب الشبيهة بالأرض من خارج المجموعة الشمسية، ترجح أن عدد هذه الكواكب يفوق الأعداد المقدرة من قبل بزيادة تصل إلى 100% عن التقديرات السابقة، ما يزيد من فرص العثور على حياة على هذه الكواكب.
وفي الدراسة التي عرضت نتائجها يوم 10 يوليو/ تموز الحالي في مؤتمر The Goldschmidt لعلماء الجيوكيمياء الأوروبيين والأميركيين، في مدينة ليون الفرنسية، وجد الباحثون أنه حتى عندما لا تكون الظروف مثالية لوجود المياه السائلة على سطح كوكب ما، فإن العديد من النجوم ستتوافر لها ظروف الجيولوجيا المناسبة لتسييل المياه تحت أسطح هذه الكواكب.
شمل التحليل الكواكب الموجودة حول أكثر أنواع النجوم شيوعاً، وهي شموس تسمى M-dwarfs، أي النجوم الباردة أو الحمراء، وهي في معظمها نجوم قزمة وذات درجة حرارة على سطحها أقل من 3.500 كلفن (أبرد من شمسنا)، ولها كتلة أقل من نصف كتلة الشمس في مجرتنا درب التبانة. وجد الباحثون أنه حتى في حال تجمد سطح الكوكب، فهناك طريقتان رئيسيتان يمكن من خلالهما توليد حرارة كافية للسماح للماء بالتحول إلى الحالة السائلة تحت سطح الكوكب.
"نحن نعلم أن وجود الماء السائل ضروري للحياة. يظهر عملنا أنه يمكن العثور على هذه المياه في أماكن لم نكن نفكر فيها كثيراً. وهذا يزيد كثيراً من فرص إيجاد بيئات يمكن أن تتطور فيها الحياة من الناحية النظرية"، يقول الباحث الرئيسي في الدراسة، لوخندرا أويغا، أستاذ علوم الأرض المساعد في جامعة روتجرز.
وأضاف أويغا، في تصريح لـ"العربي الجديد": "إننا نحن سكان كوكب الأرض محظوظون لأن لدينا الكمية المناسبة من غازات الاحتباس الحراري في غلافنا الجوي لجعل المياه السائلة مستقرة على السطح. ومع ذلك، إذا فقدت الأرض غازات الاحتباس الحراري، فسيكون متوسط درجة حرارة سطح الأرض قرابة سالب 18 درجة مئوية، وستتجمد معظم المياه السطحية السائلة تماماً. حدث هذا بالفعل قبل بضع مليارات من السنين، حين تجمد الماء السائل تماماً على معظم أجزاء كوكب الأرض".
وأشار الباحث إلى أن الوصول إلى النتائج تطلّب إجراء نمذجة لجدوى توليد المياه السائلة والحفاظ عليها على الكواكب الخارجية التي تدور حول شموس M-dwarfs من خلال النظر فقط في الحرارة التي يولدها الكوكب. ووجد الفريق البحثي أنه عند أخذ إمكانية وجود ماء سائل ناتج من النشاط الإشعاعي بالاعتبار، فإن ذلك يرجّح احتمالية وجود نسبة عالية من الكواكب الخارجية، يمكن أن يكون لديها حرارة كافية للحفاظ على الماء السائل.
في السابق، اعتقد العلماء أنّه من بين كل الكواكب الصخرية التي تدور حول 100 نجم (شمس)، يوجد كوكب صخري واحد يحتوي على مياه سائلة، لكن الدراسة الجديدة رفعت هذه التقديرات كثيراً إلى كوكب واحد لكل نجم، بزيادة قدرها 100% عن التقديرات السابقة.
وعن دور الحرارة الأرضية في تسهيل وجود الماء السائل على سطح الكوكب، يوضح الباحث أنه يمكن للحرارة الناتجة من النشاط الإشعاعي في أعماق الأرض تسخين الماء بدرجة كافية لإبقائه سائلاً. "حتى اليوم، نرى هذا يحدث في أماكن مثل القارة القطبية الجنوبية والقطب الشمالي الكندي، حيث توجد بحيرات كبيرة من المياه السائلة تحت الأرض، على الرغم من درجات الحرارة الباردة جداً إلى درجة التجمد، تتغذى على الحرارة الناتجة من النشاط الإشعاعي. حتى إن هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن هذا قد يحدث حالياً في القطب الجنوبي للمريخ"، يقول أويغا.
بعض الأقمار التي توجد في النظام الشمسي، مثل قمر يوروبا، تحتوي على كمية كبيرة من المياه السائلة الجوفية، على الرغم من أن أسطحها متجمدة تماماً. ويرجع المؤلفون ذلك إلى أن باطن هذه الأقمار يتأرجح باستمرار من خلال تأثيرات الجاذبية للكواكب الكبيرة التي تدور حولها، مثل كوكبي زحل والمشتري. يشبه هذا تأثير القمر بالمد والجزر، ولكنّه أقوى بكثير، وهو ما يجعل أقمار المشتري وزحل مرشحة رئيسية لوجود مظاهر الحياة في نظامنا الشمسي.