رفع وادي السيليكون في كاليفورنيا المعايير عالياً، ليصبح أول مركز عالمي للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، لكن بالنسبة للدول الأوروبية بدأ هذا الواقع يتغير، مع تحول السويد تدريجياً إلى سيليكون فالي القارة.
شهد العقدان الأخيران طفرة تكنولوجية في مختلف أنحاء العالم، مع نمو هائل في أعداد الشركات الناشئة. ومن أبرز الدول التي عرفت هذا الازدهار كانت السويد، حيث ثالث أعلى معدل شركات ناشئة في أوروبا، بعد تركيا وإسبانيا، بـ20 شركة ناشئة لكل ألف موظف. أما استوكهولم، عاصمة السويد، فهي أيضاً المدينة الثانية عالمياً بعد وادي السيليكون من حيث الشركات الناشئة التي تتجاوز قيمتها المليار دولار.
وعلى مدار سنوات عدة، برزت السويد كواحدة من أكبر المنافسين في أوروبا لوادي السيليكون في كاليفورنيا كموقع جذاب لأصحاب المشاريع الناشئة والشركات التقنية الناشئة.
ويرجع ذلك إلى البنية التحتية التكنولوجية المزدهرة في السويد والقرارات الحكومية الاستباقية ونظام التعليم الحديث، بحسب ما يقول موقع يورو كومباني فورميشنز.
واكتسبت السويد شهرة بأنها المعادل الأوروبي لوادي السيليكون، حيث تنمو ريادة الأعمال بسرعة لمساعدة السويد على أن تصبح نقطة مركزية للشركات التقنية الناشئة. علماً أن البلاد أساساً موطن لبعض من أكبر العلامات التجارية العالمية، بما في ذلك عملاق البث الصوتي سبوتيفاي، وعملاقة التكنولوجية المالية كلارنا، والعملاق التكنولوجي إيركسون.
وأصبحت السويد مركزاً للشركات الناشئة الناجحة في مجال التكنولوجيا في أوروبا بسبب نهج الحكومة السويدية في التعليم والتزامها بالابتكار، اللذين لعبا دوراً مؤثراً في تشكيل التكنولوجيا والبيئة الحاضنة للشركات الناشئة في البلاد.
وتوفر المدن السويدية أيضاً منشآت جذابة لبدء التشغيل مثل حاضنات الأعمال ومساحات العمل المشتركة ومراكز بدء التشغيل لرواد الأعمال الناشئين، مما يوفر لها الأسس لبناء الشركة العالمية التالية التي تبلغ قيمتها مليار دولار.
وعام 1998 شرعت الحكومة السويدية في التأكد من أن مواطنيها على دراية بالتكنولوجيا الحديثة، إذ قدّمت مخططاً يجعل الحاسوب إلزامياً في كل منزل، فقدّمت إعفاءً ضريبياً لمساعدة السكان على شراء أجهزة الكمبيوتر.
ولعب انتشار الحاسوب والاستثمارات المبكرة والمتواصلة في الاتصال بالإنترنت دوراً رئيسياً في أن تصبح السويد أرضاً جذابة للشركات التقنية الناشئة، وموطناً للمواهب.
وخصصت السويد 7.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق على التعليم. وقد أثر الاستثمار في تعليم سكان السويد على نمو الاقتصاد. كما أن الحكومة تقدّم تعليماً جامعياً للطلاب بأقل تكلفة بسبب التمويل والمنح الحكومية، ما جذب الشركات الرائدة في العالم.
وهناك مجموعة من المزايا والحوافز لممارسة الأعمال التجارية في السويد، إذ تغيّرت القوانين لإنشاء موقع أكثر جاذبية للشركات الناشئة، لتحظر على الشركات الكبيرة اكتساب سلطة احتكارية في السوق، وهو ما يمنع هذه الأخيرة من تعاظم قوتها وفرض شروطها كما هي الحال في سيليكون فالي، ويعطي لشركات التكنولوجيا السويدية الجديدة والشركات الناشئة فرصة متساوية للنجاح.
أما على مستوى الضرائب، فعملت السويد على تعديل قوانينها التجارية والمالية لتقديم مزايا إضافية، مثل رعاية الأطفال والرعاية الصحية المجانية لسكانها.
ويوفر هذا للمستثمرين وروّاد الأعمال الشباب الفرصة ليكونوا أكثر إبداعاً ويتحملوا المزيد من المخاطر.