تناول عدد من وسائل الإعلام الروسية، أمس الاثنين، ذكرى مرور عشر سنوات على ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 التي أدت إلى سقوط نظام الرئيس حسني مبارك، وتداعياتها السياسية والاقتصادية والأمنية بحلول اليوم.
وفي مقال بعنوان "مصر: الثورة المراد نسيانها"، اعتبرت مراسلة وكالة "تاس" بالقاهرة، دينا بيانيخ، أنّ "تكرار السيناريو التونسي في مصر لم يكن يبدو واقعياً في يناير/كانون الثاني 2011 في ظل خمول المجتمع المصري الذي بدا وكأنه لم يصل بعد إلى مرحلة اليأس حتى يتجاوز نقطة اللاعودة".
ولفتت بيانيخ إلى مجموعة من المشاهد والأحداث المفصلية بمسار الثورة المصرية، بما فيها وصول المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، إلى القاهرة، وتولي المسيحيين حماية المسلمين أثناء أدائهم صلاة الجمعة، واستخدام الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، وأعمال الشغب، و"موقعة الجمل" بين أنصار مبارك ومعارضيه، وسقوط عشرات القتلى في مختلف المدن، واعتلاء القناصة أسطح المباني، وحرق مبنى" الحزب الوطني الديمقراطي" المنحل، وغيرها.
ومع ذلك، ذكرت كاتبة المقال مجموعة من العوامل المعرقلة لنجاح الثورة المصرية، بما فيها، حسب رأيها، انعدام الكفاءة السياسية لدى من أطلقوها وعجزهم عن التنبؤ بالمسار المحتمل للأحداث في البلاد، وعدم التفكير في مسألة من سيملأ فراغ السلطة، وعيش المصريين لبضعة أشهر في حلم توزيع "ملايين مبارك" المودعة بالمصارف الأوروبية بشكل عادل بين المواطنين، بينما شقت "جماعة الإخوان المسلمين" طريقها إلى المستقبل بعد عقود من معارضتها السلطة.
ومن بين النتائج طويلة الأجل للثورة المصرية، أشارت الصحافية الروسية إلى عودة الجيش لحكم البلاد، وإعلان "جماعة الإخوان المسلمين" خارج القانون وسجن قياداتها، واستمرار المواجهات مع المسلحين في شمال سيناء، وتجدد إعلان حالة الطوارئ، ورفع جميع الاتهامات عن مبارك وتبرئة نجليه علاء وجمال، وانحسار نفوذ تيارات الإسلام السياسي، وتراجع حركة السياحة الوافدة، والكف عن استخدام كلمة "الثورة" للإشارة إلى أحداث 25 يناير/كانون الثاني والعودة إلى الاحتفال بعيد الشرطة في ذلك اليوم.
أما صحيفة "نيوز.رو" الإلكترونية، فنشرت مقالاً بعنوان "كيف تغيرت مصر بعد عشر سنوات على الربيع العربي؟" للخبير بالمجلس الروسي للشؤون الدولية، إيفان بوتشاروف، تناول الوضع في مصر بعد مرور عقد على الثورة، مقرّاً بأنّ "الدولة المصرية أصبحت أكثر استبدادية حتى مما كانت عليه في عهد حسني مبارك"، ومستشهداً بمجموعة من الأمثلة على ذلك مثل قمع أنصار "الإخوان المسلمين" وإيداع عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين في السجون، وتراجع مصر من المرتبة الـ127 في "مؤشر حرية الصحافة" في عام 2010 إلى المرتبة الـ166 في عام 2020.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، لفت بوتشاروف إلى "تحوّلين شهدتهما مصر خلال السنوات العشر الماضية، أولهما عند صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة ونيل القيادة المصرية الجديدة دعماً من تركيا وقطر، وثانيهما بعد "الثورة المضادة" في عام 2013 والتي حظيت بدعم السعودية والإمارات مقابل الفتور في العلاقات مع الولايات المتحدة ومناقشة الاتحاد الأوروبي إمكانية حظر توريد الأسلحة للقاهرة، مما أسفر عن تنامي تعاونها العسكري - التقني مع روسيا والصين"، حسب قوله.
وفي ما يخص الوضع الاقتصادي، أقرّ كاتب المقال بأنّ مصر بدأت تحقق نوعاً من الاستقرار، لافتاً إلى أنّ معدل النمو تراجع من 5.1% في عام 2010 إلى 1.8% فقط في عام الثورة، ولكنه بدأ يتعافى تدريجياً فيما بعد، ليصل إلى 5.6% في عام 2019.
وأرجع الخبير الروسي تعافي أداء الاقتصاد المصري إلى مجموعة من العوامل، بما فيها تدفق الاستثمارات الخليجية والصينية، والاقتراض من صندوق النقد الدولي، وتركيز الجهود على تحقيق مشاريع صناعية كبرى، وغيرها. ومن بين العوامل السلبية التي ألقت بظلالها على أداء الاقتصاد، ذكر زيادة عدد السكان من 82 مليون إلى 100 مليون نسمة خلال عشر سنوات، ومتاعب قطاع السياحة لاسيما بعد تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء في عام 2015 وتمدد جائحة كورونا في العام الماضي.
وخلص بوتشاروف إلى أنّ "مصر عاشت خلال السنوات العشر الماضية فترة عصيبة في تاريخها الحديث شهدت تغييرين للنظام الحاكم وتنامي مخاطر الإرهاب، وتزايد استبدادية الرئيس عبد الفتاح السيسي، والركود الاقتصادي، مما يطرح تساؤلات حول مدى واقعية تكرار أحداث عام 2011".