تفسيرات عدّة يُمكن اعتمادها في أيّ قراءة نقدية لأفلامٍ اميركية مختلفة، كما لـ"النيّة" التي تحثّ على إنتاجها وإخراجها. "المؤامرة" السينمائية الأميركية (هوليوود. نتفليكس. منصّات أخرى. شركات إنتاج مختلفة) تحضر في ذهن من يمتلك قدرة غريبة على جعلها (المؤامرة) جوهر كلّ شيءٍ أميركي.
يتجاهل هذا البعض، أو يجهل أنّ صناعة السينما الأميركية تحديداً تُنتج آلاف الأفلام سنوياً، ما يتطلّب منها تنويعاً في الأنواع، وتشابهاً في اشتغالاتٍ كثيرة. الجريمة والعقاب الفردي، والجنس، والإرهاب بجنسياته المختلفة، وغيرها من العناوين، لن تكون وحيدة في صناعة ضخمة. "الرسائل"، المُبطّنة والمباشرة، جزءٌ من اللعبة الإنتاجية. لكنّ أفلاماً كثيرة أخرى غير معنية بهذا، واهتماماتها مختلفة تماماً، مع التنبّه إلى أنّ هذه العناوين أساسية في الحياة اليومية في العالم، وتُشكِّل جزءاً كبيراً من السلوك والعيش والتفكير والانفعال، والسينما تستلّ منها ما تراه مناسباً لإنتاجاتٍ، تريدها جماهيرية لتحقيق أرباحٍ مالية، وإنْ تتضمّن الأفلام "رسائل" ما، تؤثّر بالجماهير، فلا بأس بالنسبة إلى إنتاجاتٍ كهذه.
الجريمة والعقاب نتاج اجتماعٍ وتربية وسلوك، في الولايات المتحدّة الأميركية ومجتمعات عربية وغربية. تنتقدها أفلامٌ كثيرة، بعضها يندرج في عالم "المؤامرة"، كما يتوهّم بعض المنفعلين والمنفعلات ضد إنتاجات سينمائية وتلفزيونية. الثأر الفردي نابعٌ من تجاهل السلطات الرسمية أهوال العيش، والمُصاب الذي يعاني تأثيراته كلّ من يفقد حبيباً أو قريباً لأسبابٍ جمّة. عجز السلطات دافعٌ إلى ثأر الفرد واندفاعه إلى تلك المغامرة الخطرة، رغم قولٍ يتردّد غالباً في أفلامٍ كتلك: "إذا تخطيت تلك العتبة (الانتقام والقتل والعنف)، فلن تقدر أبداً على العودة إلى الوراء".
بعض المنتقمين يُقرّر، سلفاً، أنّ الانتقام يجب أنْ يكون فردياً، وأنّ على السلطات الرسمية ألاّ تتدخّل أبداً. هذه حال مجتمعات كثيرة في العالم، والمجتمع العربي جزءٌ منه، والسينما انعكاسٌ بسيط لها.
الجريمة والعقاب يحملان في طياتهما شيئاً، وإنْ يكن مُخفّفاً، من إدانة سينمائية لهما. فالعنف يولِّد عنفاً، والقتل خطوة إلى عالمٍ قاتمٍ، والثأر تنفيسٌ عن غضب، لا إحقاق حقّ ولا تحقيق عدالة. السينما غير مهتمّة بعلاجٍ أو توجيه أو معاقبة أو توبيخ أو محاكمة. تقول بعض ما يعتمل في الاجتماع البشري، انتقاداً أو سرداً أو إضاءةً.
هذا غير شامل السينما كلّها. أفلامٌ كثيرة تنتقد بكشف بعض المستور، وتُفكِّك بفضح بعض المخبّأ، وتنقلب على واقع من خلال سرد معطيات وأحوال منه وفيه. التجاريّ يريد تسلية وتشويقاً وأرباحاً. غير التجاري يريد أرباحاً، لكنّه معنيّ أكثر بالاشتغالات الفنية والجمالية.
هذا نقاشٌ مفتوح، طالما أنّ السينما مستمرّة في إنتاج آلاف العناوين سنوياً.