قبل أيام عقد وزير الثقافة المغربي، المهدي بنسعيد، جلسة عمل جمعته مع مسؤولين في إدارة منصة مشاهدة الأفلام والمسلسلات، "نتفليكس". جاء هذا الاجتماع بينما يحقق المغرب نجاحاً متنامياً في توفير فضاء مناسب لتصوير مسلسلات المنصة، من دون أن ينخرط فيها كفاية من حيث الإنتاج أو الاشتراك.
وقال بيان رسمي نشرته وكالة الأنباء المغربية، إن جلسة العمل "تمحورت حول إمكانية التوقيع على شراكة استراتيجية مع شركة نتفليكس لإنتاج محتويات مغربية، وتطوير الصناعة السينمائية بالمغرب، وإعطاء السينما المغربية إشعاعاً دولياً". ولفت البيان إلى أن المغرب يُعد "وجهة عالمية في المجال السينمائي عبر ما تتوفر عليه المملكة من مؤهلات، تجعلها قبلة لكبار المنتجين والممثلين العالميين". من دون تقديم أية معلومات إضافية حول تعاون متوقع بين المغرب و"نتفليكس".
المغرب وجهة كبيرة للتصوير
ويختار عدد من منتجي السينما ومخرجي أفلام هوليوود المغرب موقعاً للتصوير، خصوصاً مدينتي ورزازات والصويرة. ويشتهر المغرب بمناظره الطبيعية، من الصحاري والجبال والشواطئ والقلاع التاريخية، بالإضافة إلى التسهيلات التي تقدمها الحكومة لشركات الإنتاج، ما يجعله وجهة جذابة للتصوير.
هذا وصوّر عدد من إنتاجات "نتفليكس" في المغرب، بينها "الساحر" The Witcher، أحد أهم مسلسلات المنصة، بالإضافة إلى "الحرس القديم"، و"قريب"، و"الموصل"، و"الجاسوس"، وغيرها.
وأورد موقع "هسبريس المغربي" عن مصادره أن "نتفليكس" طرحت صعوبة إجراءات التصوير بالمغرب وعدم تعاون المسؤولين الحكوميين، وهو ما وعد الوزير باستدراكه.
المغرب… مستهلك صغير لـ"نتفليكس"
في عام 2016 صُنف المغرب كأقل بلد في العالم من حيث عدد المشتركين في "نتفليكس".
وبحلول نهاية عام 2021 لا يبدو أن الرقم قد تضخم كثيراً. فمن بين 220 مليون مشترك عبر العالم، لا تمتلك المنصة في أفريقيا سوى 2.6 مليون مشترك، بحسب أرقام موقع "ستاتيستا"، الألماني المتخصص في بيانات السوق والمستهلكين.
وأسوة بالدول العربية، يشكل المغرب مشكلة بالنسبة لـ"نتفليكس"، بسبب تواجد بدائل غير شرعية تعرض المحتوى المدفوع نفسه بالمجان. ومن يدفعون يجدون أمامهم خيارات عدة تنافس "نتفليكس"، سواء منصات عربية مثل "شاهد" و"أو إس إن بلس"، أو منصات عالمية مثل "ديزني بلس". كما أنه على المستوى المغربي؛ ظهرت منصة "أفلامين"، التي تعرض 200 ساعة من الأفلام التي عمل عليها 40 مخرجاً على الأقل من المغرب والعالم.
أين الإنتاجات المغربية في "نتفليكس"؟
تطرّق الاجتماع إلى غياب المحتوى المغربي على المنصة، مع التأكيد على ضرورة حضوره، و"هو ما ستشتغل عليه الوزارة مع المنصة العالمية"، بحسب ما يَعِد البيان الحكومي.
وبجولة صغيرة في "نتفليكس" سيلاحظ المشاهد غياباً شبه تام للإنتاجات المغربية في المنصة، أي تلك التي ممثلوها من المغاربة وتدور في فضاء مغربي حول قصة مغربية.
وباستثناء تجارب محدودة جداً لم تحقق صدى يذكر محلياً، لا توجد إنتاجات أصلية أو غير أصلية بارزة من المغرب في المنصة العالمية. وبالرغم من نجاح مجموعة من الإنتاجات محلياً، إلا أنها لم تجد طريقها نحو الانضمام إلى باقة المنصة العالمية. ويبدو أن المغرب في هذه النقطة متخلف عن الركب العربي، إذ طرحت المنصة إنتاجات عربية أصلية حققت انتشاراً واسعاً مثل "ما وراء الطبيعة" و"البحث عن علا" و"مدرسة الروابي للبنات" وغيرها.
ووفق "هسبريس"، ركّز الطرف المغربي على التسويق لمضامين تاريخية تستحضر جوانب من التراث المغربي وحياة السلاطين المتعاقبين على البلاد. وقال الموقع إن المغرب اقترح مضامين أفلام وثائقية حول تاريخ المملكة، ويراهن على الانتشار الواسع لمنصة "نتفليكس" من أجل تسويقها.
ويرتقب كذلك أن يفتح المغرب الباب أمام مختلف الإنتاجات السينمائية للشركة من أجل التصوير في المغرب، والاستثمار في القدرات التي تمنحها طبيعة المملكة.
وخطوة الانفتاح هذه تأتي في سياق انفتاح يشمل الرفع من نسبة الدعم المالي المقدم للإنتاج الأجنبي في المغرب إلى 30% بدلاً من 20% المعمول بها حالياً، على أمل تعزيز قدرات المملكة في استقطاب الإنتاجات العالمية، وفي انتظار تحقق فكرة إنتاجات مغربية خالصة في المنصة العالمية.