سحبت مؤسسة تومسون رويترز جائزة كورت شورك للصحافة الدولية من الصحافية الفلسطينية، شذى حماد، بعد أيام قليلة من منحها إياها، إثر تحريض إسرائيلي ضدها بدعوى "معاداة السامية".
وأعلنت "تومسون رويترز" بلندن في بيان، عن سحب الجائزة من الصحافية عن فئة "المراسل المحلّي".
وقالت "رويترز": "اتخذت المؤسسة وصندوق كورت شورك التذكاري القرار الصعب، بسحب جائزة الصحافة الممنوحة للصحافية الفلسطينية المقيمة في الضفة الغربية، شذى حماد".
ويأتي هذا القرار بعد تنديد من منظمة Honest Reporting الإعلامية الأميركية-الإسرائيلية، بمنح "تومسون رويترز" الجائزة لحمّاد بزعم منشورات "معادية للسامية".
إثر ذلك، عبّر منتدى الإعلاميين الفلسطينيين في بيان صحافي، اليوم الخميس، عن إدانته الشديدة لسحب الجائرة، ورأى في ذلك "تجاوزاً للأعراف المهنية وأخلاقيات الصحافة، فضلاً عن كونه انحيازاً سافراً إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي".
وذكّر المنتدى بأن الاحتلال ممعن "في انتهاك حرية العمل الصحافي عبر قتل الصحافيين الفلسطينيين واستهدافهم بأشكال مختلفة، إذ ما زالت دماء الصحافيتين شيرين أبو عاقلة، وغفران وراسنة، والصحافي نضال اغبارية تشهد على حجم الإجرام الإسرائيلي بحق فرسان الإعلام الفلسطيني".
وأعرب منتدى الإعلاميين الفلسطينيين عن تضامنه الكامل مع الصحافية شذى حماد، داعياً مؤسسة تومسون رويترز "للعدول عن قرارها الجائر، والانحياز للقيم الإنسانية النبيلة، وعدم التورط في دعم الاحتلال الإسرائيلي عبر الخضوع لإملاءاته".
كما ذكّر بأنه "ظل السجل الإسرائيلي الحافل بالانتهاكات بحق الإعلام الفلسطيني بكل مكوناته، وخرق الاحتلال الإسرائيلي المعتاد للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية المؤكدة على حماية الصحافيين واحترام حق حرية الرأي والتعبير".
وطالب منتدى الإعلاميين الفلسطينيين واتحاد الصحافيين العرب والمنظمات الدولية المعنية بحماية الصحافيين بممارسة الضغوط الجادة على "تومسون رويترز"، لوقف انحيازها لرواية الاحتلال الإسرائيلي.
في هذه الأثناء، أصدر صحافيون بياناً وقع عليه العشرات، للوقوف في وجه الهجمة التي يتعرض لها الصحافيون الفلسطينيون.
وأشار البيان إلى أن "نيويورك تايمز" فصلت مطلع الشهر الحالي مصوّرين فلسطينيين من غزة من العمل، وهما: حسام سالم وفادي حنونة.
ووفق البيان، تأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من الملاحقات للصحافيين الفلسطينيين العاملين في المؤسسات الدولية، والتحريض من قبل مؤسسات ضغط صهيونية مختصة برقابة الفلسطينيين وملاحقة ما يكتبونه وما ينشرونه.
وأكد البيان أن هذه المؤسسات "التي تعمل عمل المخابرات الإسرائيلية تريد أن تحاصر الفلسطيني وتمنعه من الحديث عن القضية الفلسطينية، إضافة إلى تحريضها على الصحافيين بمجرد استخدامهم کلمات تشكل جزءاً أساسياً ويومياً من المعجم الفلسطيني كـ"شهید"، و"مقاومة"، في حرب مباشرة على هويتهم الوطنية وتاريخهم وانحيازهم لشعبهم.
وتابع البيان: "ومن أجل ذلك، تنبش تلك المؤسسات في تاريخ الحسابات الشخصية، تلاحق أي تعبير أو تصريح أو حتى نكتة، ولو قالها أحدهم في طفولته، لیس مهماً بالنسبة لهم، المهم هو أنهم قادرون بفضل الهيمنة والطغيان وإخضاع الجميع أن يطاردونا على بقايا الهواء الذي لم يلوثه رصاصهم".
وجاء في البيان: "هذا السلوك المخابراتي في مطاردة كل شيء يجب أن يوضع له حد، باصطفافنا مع بعضنا البعض، ورفضنا لأي نوع من أنواع الابتزاز".
وأضاف: "ليست المسألة هنا في دفاعنا عن جمل معينة أو تعابير عينية، بل نحن نرفض من الأساس أن يتم حشرنا في هذا النوع من التحقيق، والمسألة تتعلق في دفاعنا عن حقنا البسيط، في ألا نمر عبر البوابة الصهيونية للتفتيش خلال سيرنا نحو أي وظيفة أو فعالية في العالم".
ووفق البيان، "من المعروف أن مثل هذه البوابات التفتيشية غير منصوبة أمام الصحافي الإسرائيلي، إنها معدة فقط لنا كطرف أضعف بهذا الصراع، لذلك نجد هذه الاستجابة السريعة من المؤسسات الدولية للضغط الصهيوني، والتماهي التام مع خطابها ومعاييرها، ضد هذه البوابات التفتيشية وضد من يستجيب لمعاييرها، ومع الصحافية شذى المعروفة بمهنیتها وبانتمائها العالي، والزملاء الآخرين ممن لاحقتهم وتلاحقهم المؤسسات الصهيونية".
من جانبها، قالت الصحافية شذى حماد في تصريح لها: "لم أخسر بسحبهم الجائزة، فلطالما فزت بما هو أعظم في كل مرة نزلت بها إلى ميدان العمل، اكتسبت الحب والثقة، اكتسبت البيوت التي كانت تفتح أبوابها لي في كل مرة، اكتسبت حضن الناس وفنجان القهوة، اكتسبت اتصالاً يطمئن عليّ إذا وصلت إلى بيتي بعد رحلة طويلة".
وتابعت: "لم يكن هدفي الجوائز يوماً، ولم أعمل على مقال صحافي بغرض الحصول على تقديرٍ دوليّ، لقد عملت دوماً بمهنية عالية، لم أُسلم أي مادة صحافية إلا وقد استوفت شروطها المهنية، وذلك وفاءً للإنسان الفلسطيني وصوته ومعاناته، وهو ما أسعى إليه وأفتخر دوماً بنقله، بانحيازٍ كامل لشعبي، وقضيتي، ولفلسطين".
وتقول حماد: "في شهر سبتمبر/أيلول المنصرم، تلقيت رسالة إلكترونية من مؤسسة تومسون رويترز تبلغني بالفوز بجائزة كورت شورك عن فئة الصحافي المحلي لعام 2022، بناءً على تقييم ثلاثة مقالات نُشرت على موقع ميدل إيست آي، استعددت للسفر، وكان من المتوقع الوصول إلى لندن في 25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، للمشاركة في حفل التكريم الذي يقام في 26 و27 أكتوبر/تشرين الأول الجاري".
وتابعت: "لكن مؤسسة الضغط الصهيونية HonestReporting المتخصصة في مراقبة الإعلام الدولي، وخاصة الصحافيين الفلسطينيين العاملين فيه، والتحريض عليهم، نشرت مقالاً تحريضياً تبعته حملة تشهير وتحريض على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة تويتر، طالبت بسحب الجائزة مني".
وأردفت: "بعد أقل من يوم على شن الهجمة التحريضية، صدر القرار، وقد استجابت رويترز لطلب سحب الجائزة. والأمر لم يتوقف هنا، وكانت له نتائج أخرى سأتحدث عنها في ما بعد".
وأكدت حماد أن "ما جرى معي هو جزء من حملات مستمرة تُشن على الصحافي الفلسطيني العامل في الإعلام الدولي، بهدف عزله عن العالم ومنعه من نقل قضيته وصوت شعبه. وقد أدت هذه الحملات التحريضية إلى فقدان الكثير من الصحافيين الفلسطينيين عملهم، اليوم أنا تسحب مني هذه الجائزة، وقبلي زملاء فقدوا وظائف عملوا فيها لسنوات".
وقالت حماد: "أكتب اليوم عما عايشته في الأيام الماضية، لتكون شهادة أخرى على ما يدفعه الفلسطينيّ ثمناً لانتمائه لقضيته وأهله، شهادة أنّ الفلسطينيّ مستهدفٌ أينما وكيفما كان؛ صحافيّاً، طالباً، طفلاً، مقاوماً أو عابر سبيل.. في الميدان نواجه الرصاص كما تلقته قبل شهورٍ شهيدتنا شيرين أبو عاقلة، وفي منصات العالم نواجه حصاراً وعنفاً ضد لغتنا وهويتنا وانتمائنا هدفه إقصاء فلسطين منّا، وعنّي أقول: يُمكن أن تنزعوا مني كلّ الجوائز، لكن أبداً لن تنزعوا فلسطين".