استعادت الهيئة العامة للآثار والمتاحف في مدينة تعز، وسط اليمن، أخيراً خمس مخطوطات أثرية ونادرة، يزيد عمرها عن 8 قرون، وذلك بمساعدة السلطات الأمنية التي تحرت وراء أشخاص كانوا قد عرضوا بيعها في مزاد علني، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
نهبت هذه القطع قبل ست سنوات، حين تعرض المتحف، مع اندلاع الحرب عام 2015، للدمار وسرقة قرابة 50 في المائة من القطع الأثرية والنادرة فيه، حسبما أفادت مصادر رسمية.
وكشفت مصادر مسؤولة في مكتب الهيئة العامة والآثار، لـ "العربي الجديد"، أن الآثار المستعادة تضم مصحفاً مكتوباً بماء الزعفران، و4 مخطوطات يهودية، ومخطوطة باللغة العبرية. وأكدت أنها من ممتلكات المتحف الوطني وعليها أرقام كانت قد وضعت عليها سابقاً، عقب الحصول عليها من مكتبة الأديب والحبر اليهودي من أصول يمنية، سالم الشبزي.
نهبت القطع قبل ست سنوات، حين تعرض المتحف مع اندلاع الحرب عام 2015، للدمار وسرقة قرابة 50 في المائة من القطع الأثرية والنادرة فيه
وتمت العملية الأخيرة بعد جهود مكثفة قادتها إدارة البحث الجنائي، إذ تتبعت عصابة الآثار، واستدرجت أفرادها، وضبطتهم، واستعادت المخطوطات التي في حوزتهم، علماً أنها أصبحت مهترئة ومعرضة للتلف، جراء سوء تخزينها ونقلها من مكان إلى آخر، ما جعلها بحاجة ماسة للصيانة من قبل خبراء ومتخصصين وحفظها في مكان آمن ومناسب.
تقود الأجهزة الأمنية، بالتنسيق مع مكتب وهيئة الآثار في المدينة، للعام السابع على التوالي، مساعي متواصلة لاستعادة القطع الأثرية المنهوبة من المتحف، وهي جهود تكللت هذا العام باستعادة عدد من المقتنيات الأثرية، بينها نقوش حجرية وسيوف قديمة كانت معروضة للبيع من قبل عصابة متخصصة بنهب الآثار. كما تسلمت من مواطنين تماثيل حجرية، بينها تمثالان حجريان يعود تاريخ أحدهما إلى العهد الحميري، بينما يعود الآخر إلى عصر ما قبل الإسلام.
تعرض المتحف الوطني خلال سنوات الحرب لأضرار بليغة، كما تعرضت محتوياته للعبث والسرقة والدمار والحريق، في حين طاول بقية المعالم الأثرية والأضرحة والمساجد والمدارس والقباب القصف من قبل طيران التحالف السعودي الإماراتي وجماعة الحوثيين، إلى جانب النبش والنسف من قبل الجماعة المتطرفة. ويفتك الإهمال وعوامل الطبيعة والانهيارات بالكثير من المواقع الأثرية في مدينة تعز، والتي يفوق عمرها آلاف السنوات، ويعود تأسيسها لحقب زمنية مهمة ومتفرقة ودويلات يمنية قديمة أبرزها الدولة الصليحية والرسولية والطاهرية والأيوبية.
يتوقع الباحث المتخصص في الآثار منير طلال "اندثار وضياع وتهاوي الآثار والمعالم الأثرية في تعز، وذلك بعد مئات السنين من الحضور والعراقة والبهاء والتجذر في ذاكرة اليمنيين وتشكيلها لواجهة وتاريخ وثقافة وماض وموروث وتراث وذاكرة المحافظة المعروفة بعاصمة الثقافة للبلاد"، وذلك في حديثه لـ "العربي الجديد".
ويقول مدير مكتب الآثار أحمد جسار، لـ "العربي الجديد"، إنه "في حين تعرضت مختلف المعالم التاريخية لدمار الحرب والانهيارات وعوامل التعرية والإهمال، تعرض المتحف الوطني في تعز لأضرار جسيمة ودمار كبير، وطاول محتوياته النهب والإحراق والتلف". ويضيف "تتبع الأجهزة الأمنية بالتعاون مع مكتب الآثار القطع الأثرية والمخطوطات القيمة المنهوبة، وتعمل على استعادتها، كونها تمثل واجهة اليمن عموماً وتعز خصوصاً وتشكل جوهرها وذاكرة أجيالها وعمقها التاريخي والحضاري".
وعلى الرغم من تشكيل مقتنيات المتحف المستعادة جزءاً يسيراً من الآثار المفقودة، إلا أن المعنيين يعدونها قيمة ونادرة، وهو ما يشير إليه مدير حماية الآثار محبوب قاسم الجرادي الذي يذكر، لـ "العربي الجديد"، أن "المخطوطات الأثرية التي استعيدت من قبل البحث الجنائي مكتوبة بالخط العبري، وعمرها أكثر من 800 عام، وهي من ممتلكات المتحف الوطني الذي حصل عليها من مكتبة حبر وأديب يهودي معروف".
إلى ذلك، يؤكد مدير المتحف الوطني رمزي الدميني، لـ "العربي الجديد"، أن "هناك عدداً من القطع الأثرية التي استعيدت من (كتائب أبو العباس) وأشخاص وعصابات تم ضبطها، وأخرى سلمها بعض المواطنين طوعاً".