قضت محكمة الاستئناف في مدينة الحسيمة، شمال شرقي المغرب، يوم أمس الخميس، بحبس الناشط والمعتقل السابق على خلفية حراك الريف، ربيع الأبلق، مدّة أربع سنوات.
بهذا القرار، تكون محكمة الاستئناف في الحسيمة قد أيّدت الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية في المدينة، كما جرت مضاعفة مبلغ الغرامة من 20 ألف درهم إلى 40 ألف درهم (أي ما يعادل 4 آلاف دولار)، بحسب ما كشفت محاميته سعاد البراهمة اليوم الجمعة.
وجاءت إدانة المعتقل السابق على خلفية حراك الريف الذي شهدته منطقة الحسيمة في 28 أكتوبر/ تشرين الأوّل من العام 2016، وذلك بعد ملاحقته من قبل النيابة العامة بتهمة "الإخلال بواجب التوقير والاحترام للمؤسسة الدستورية العليا للمملكة بوسائل إلكترونية".
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد قالت، قبل أسابيع، إنّ وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية في الحسيمة اتهم الأبلق بالإخلال علناً بـ"واجب التوقير والاحترام لشخص الملك"، بموجب المادة 179 من القانون الجنائي، داعيةً السلطات المغربية إلى إسقاط التهم الموجهة إليه.
وتعود فصول ملاحقة الأبلق إلى 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، عندما نشر المعتقل السابق مقطع فيديو على "فيسبوك" و"يوتيوب"، يقدّم فيه تعليقات سياسيّة على تصدّر حزب التجمع الوطني للأحرار الانتخابات التشريعية في الثامن من سبتمبر 2021، كما نشر مقطع فيديو آخر في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني، بعدما عيّن العاهل المغربي الملك محمد السادس عزيز أخنوش رئيساً للحكومة.
وفي مارس/ آذار الماضي، استُدعي الأبلق عدّة مرات إلى مركز الشرطة في الحسيمة، حيث استجوب بشأن التصريحات الواردة في المقطعين، في حين كان قد مثل لأوّل مرّة أمام المحكمة في 11 إبريل/ نيسان الماضي.
وكان الناشط والمعتقل السابق قد أعلن، في 18 مايو/ أيار الماضي، عن استدعائه من قبل النيابة العامة في المحكمة الابتدائية في الحسيمة للمثول أمامها في الثاني من يونيو/ حزيران الجاري، وذلك على خلفية تهم جديدة منسوبة إليه تتمثّل في "التحريض على التظاهر، والإخلال بواجب التوقير والاحترام للمؤسسة الدستورية العليا للمملكة بوسائل إلكترونية".
وكان الأبلق قد حوكم بالسجن خمس سنوات في يونيو من العام 2017 بتهمة "نشر أخبار كاذبة" و"انتحال صفة صحافي"، بسبب تعليقات نشرها على مواقع إلكترونية داعمة احتجاجات حراك الريف. وتلقّى بعدها عفوا ملكيا وأُفرج عنه في العام 2020، بعدما خاض عدّة إضرابات عن الطعام في السجن.
وشكّل مصرع بائع سمك يدعى محسن فكري داخل شاحنة للقمامة، كان قد صعد إليها لاسترداد بضاعته المصادرة من طرف السلطات المحلية، في 28 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، الشرارة الأولى لاندلاع حراك الريف، بعدما نظّم شباب غاضبون وقفةً احتجاجيةً دفعت محافظ الإقليم ومسؤولاً قضائياً بارزاً للنزول إلى الشارع من أجل التفاوض معهم.
ومنذ تلك الليلة، عمّت الاحتجاجات مدينة الحسيمة ومناطق مجاورة لها، ليتحوّل مطلب المحتجّين من محاكمة المتسبّبين الحقيقيين في مصرع بائع السمك إلى مطالب أكبر وأشمل، تتضمّن رفع التهميش وما يسمّى العسكرة الأمنية عن الحسيمة، إضافة إلى تنفيذ مشاريع تنموية في مجالات التعليم والصحة والتشغيل.
وعرفت الاحتجاجات، لا سيما في مدينة الحسيمة، زخماً بشرياً لأشهر عدة، حيث شهدت المدينة تظاهرات ومواجهات بين المحتجّين وقوّات الأمن، انتهت باعتقال العشرات من الناشطين، أبرزهم ناصر الزفزافي، وذلك قبل أن تخفّ حدّة هذه الاحتجاجات.