تحاول شركة "سيدرز آرت برودكشن"، اللعب على عنصري الإثارة والتشويق، في اختيار معظم أفكار مسلسلاتها. هكذا، اعتمدت لمى الصبّاح، المشرفة على الإنتاج في الشركة، على فريق عمل يضم المخرج اللبناني إيلي السمعان، والكاتب سيف رضا حامد، إلى جانب مجموعة من الممثلين، أبرزهم سلافة معمار وعابد فهد ونادين الراسي، في سبيل تنفيذ مسلسل "بيروت 303"، الذي بدأ عرضه أخيراً. ثلاث حلقات كافية لأخذ صورة عامة عن المسلسل، الذي أتعب كاتبه، بعدما كان مخصصاً للعرض في موسم رمضان 2022، لكنه خرج من المعادلة لأسباب عديدة، منها التأخير في تكليف فريق العمل، والمباشرة بالتصوير، ثم خُفض عدد حلقاته إلى 15 حلقة. لكن الوقت كان سباقاً، ليخرج من ملعب العرض الرمضاني بشكل نهائي.
حادث في طائرة ركاب قادمة من إسطنبول، يؤدي إلى سقوطها على الساحل البحري في لبنان. محاولة لبعث ما هو جديد من قبل الكاتب سيف رضا حامد. يبدو أنه خضع إلى إسقاط تجاري من قبل شركة الإنتاج، ليتماشى مع كافة إنتاجاتها التي لا تعير أهمية للحكاية بشكل عام، ما يضعف البناء الروائي المشهدي للسيناريو والتنفيذ.
يجتمع كل من عابد فهد ونادين الراسي وسلافة معمار ومعتصم النهار في قالب كاد ليكون أفضل، لولا اتساع مساحة الحكاية. يفقد عزيز فرج (عابد فهد) ابنه في حادث تحطم الطائرة، لتُحصر الرواية في قالب ومضمون ضيق جداً يبعد عن تداعيات سقوط طائرة، المفترض أنه عمل إرهابي. يدخل المخرج إيلي السمعان في مشاهد استسهال الواقعة أو الحادثة، بل يحصر السياق في عائلة المفقود، ابن تاجر العطور الشهير عزيز فرج وزوجته (سلافة معمار) وعشيقته (نادين الراسي)، وتنامي مساحة الانتقام منه لأسباب مجهولة من قبل "مافيا". مشاهد غير مترابطة، تقتفي أثر الابن المفقود، والمفترض أنه انخرط في تنظيم إرهابي. يغيب عن بال المخرج أن يُحيط القصة بتفاصيل تجعلها أكثر إقناعاً للمشاهد؛ إذ يحصر الشخصيات بقصة التفجير، مبالغاً في التركيز على مصير الشاب نجم، المفقود بعد الحادث. يعيش نجم في دبي، ولم يعلم أحد، ولا حتى أهله، بقدومه إلى إسطنبول ثم صعوده على متن الطائرة المنكوبة.
يجوز اعتبار إيلي السمعان هاوياً أو مساعداً في لعبة الإخراج الدرامي؛ إذ قدّم أعمالا قليلة، كان ممكن لها أن تكون أفضل، مثل "شتي يا بيرت" (كتابة بلال شحادات)، و"العودة" (كتابة رائد أبو عجرم). مسلسلات تفلتت خيوطها من يد الكاتب والمخرج، وحفلت بأخطاء أفقدتها رصيد البدايات من النجاح، وهو رصيد كان بالإمكان أن يضيفه السمعان إلى سجله، كونه يخطو الخطوات الأولى في عالم الإخراج، لكنه لم ينجح، والسبب ربما قلة الخبرة، وإصرار المنتجين على إعطائه مزيداً من الدعم للقيام بتنفيذ أعمالهم، لكنه يقع في فخ قلة الخبرة، متسلحاً باللامبالاة أمام الانتقادات، ومتخذاً من قلة تصفق له الحافز للعمل.
من المبكر إصدار حكم نهائي على مسلسل ما زال يُعرض، لكن الحلقات الثلاث الأولى كانت كفيلة بانقلاب المضمون على المشاهد، وحصره في ما يُشبه "تريلر" لفيلم أميركي من نوع الأكشن، عُرض في التسعينيات.