تستعير الكاتبتان، لانا الجندي ولبنى حداد، حكاية القاضي من المسلسل الأميركي Your Honor، الصادر عام 2020، لتقدما "الغريب" الذي عرضته منصة شاهد أخيراً. يحكي العمل قصة قاض يواجه أزمة عندما يتورط ابنه في جريمة قتل صديقه، ابن عائلة ذات نفوذ، لتبدأ رحلة القاضي وأسرته في التصدي لخيارات مستحيلة، تكشف إلى أي مدى سيذهب الأب في محاولة لإنقاذ حياة ابنه.
يجتمع بسام كوسا وفرح بسيسو وسعيد سرحان في مسلسل "الغريب" (إنتاج "سيدرز آرت برودكشن") وهو مسلسل قصير، وجزء من الإنتاجات القصيرة التي تعرضها "شاهد" وتحمل طابع الإثارة والجريمة.
محاولة أخرى، كادت أن تُسجل لصالح فريق عمل المسلسل، وشركة الإنتاج التي تحاول السير على خط تفادي الانتقادات، وعدم الوقوع في فخ التكرار. لكن المسلسل يفقد إيقاعه بعد الحلقة الخامسة، وتبدأ حكايات لا علاقة لها بسبل النهاية، ولا بالحكاية الأساسية أو السياق الدرامي المفترض أنه يطرح قصة جريمة بالدرجة الأولى، والبحث عن مخرج للمتهمين بهذه الجريمة.
لم ينجح العمل في اقتباس أحداث القصة الأصلية (Your Honor)، خصوصاً بإقحام شخصيات لا علاقة لها بالأحداث الأساسية، والتورّط في محاولة تطويل هذه الأحداث، بطريقة لم تتجه إليها النسخة الأميركية. لكن الانقلاب في الاقتباس إلى العربية، يظهر واضحاً بعد الحلقة الرابعة.
تخطف الكاتبتان عناوين وأحداثاً شاهدناها في مسلسلات عربية عرضت سابقاً. كذلك يظهر مجدداً الربط بين بيروت ودمشق، وهو ربط موجود في أغلب المسلسلات العربية المشتركة، ومنها تجول الكاميرا على الحارات الشعبية في بيروت حيث يعيش قسم كبير من اللاجئين السوريين، فنتابع قدرتهم على تأقلم مع واقعهم الجديد كضحايا في يوميات لبنانية مريرة.
مرة جديدة إذاً نتابع درامياً الواقع أو العلاقة القائمة بين اللاجئ السوري، وبين المواطن اللبناني، لكن الربط يبدو هذه المرة مبنياً على قاعدة هشّة لا تخدم الرواية، ولا الخط الدرامي وسط محاولات مفتوحة على خيالات الكاتبتين. فيعرض المسلسل قصة القاضي الهارب مع عائلته إلى حي شعبي في بيروت، محاولاً التأقلم مع واقعه الجديد، حيث يعاني المحيط من التفلت الأمني وسلطة النافذين، متمثلة هذه المرة بالـ"البيروتي" محمد عقيل، المتهم بقضايا اختلاس، وترؤس شبكة لتببيض وتهريب الأموال. تشتبك الشخصيات وتتواجه، وتتداخل حيواتها.
تشابك الخطوط الدرامية وهشاشتها، لا ينسحب على الإخراج، إذ نجحت المخرجة اللبنانية صوفي بطرس في تقديم مشاهد متماسكة في "الغريب"، مستعينة بأماكن ومناطق حقيقية لنقل أحداث دراماتيكية، وقد ساعدتها موهبة فريق الممثلين الذي يجسّد القصة بحنكة ويقدمها بعفوية جيدة لجهة الأداء. فعودة فرح بسيسو إلى الدراما أعطت زخماً للعمل، إلى جانب أداء بسام كوسا، وآدم الشامي، وزميلته ساندي نحاس التي تلعب دور شقيقته، وبالطبع سعيد سرحان الشبيح الذي يسيطر على الحي ويعنّف حبيبته بطريقة واضحة بعدما رفضت الارتباط به رسمياً نظرا لسوء أخلاقه.