عام 2017 قدم حاتم علي آخر مسلسلاته السورية، وهو مسلسل الفانتازيا التاريخي "أوركيديا"، الذي كان أكبر سقطاته وأضعف المحطات في مشروعه الفني الكبير، لكنها المحطة التي جعلته يعيد التفكير في المسار الذي وصل إليه مشروعه الفني بعد التصدعات كلها التي أصابت ركائز الدراما السورية في سنوات الثورة والحرب، وبعد أن دفعته عاطفته الوطنية إلى أن يواصل لعب دوره، غير آبه بعوامل الجزر والمد التي منعته من السير بخطوات كبيرة في رحلته.
بعد "أوركيديا"، أدرك حاتم علي أن لا فائدة من محاربة طواحين الهواء، ليترك مركب الدراما السورية قبل أن ينهار سوقها في العام التالي، ويفتح طريقه بإلقاء "حجر جهنم" في مصر، ويبدأ فيها رحلة نجاح من نوع آخر، في العام نفسه الذي عجزت فيه معظم المسلسلات السورية عن الوصول إلى شاشات العرض. بوابة مصر كانت مفتوحة لحاتم علي وتنتظره عقداً كاملاً، فهو الذي تمكن من ترك بصمة خاصة في الدراما التاريخية المصرية عندما أخرج مسلسل "الملك فاروق" سنة 2007، وغادرها آنذاك منتصراً ليكمل مسار مشروعه الفني.
لم يكن حاتم علي يحاول آنذاك مغازلة الدراما المصرية في "الملك فاروق"، ولم يكن ينوي من خلاله اقتحام سوق إنتاجي أكثر عراقة وأصالة من الدراما السورية كما أثبت مع الوقت، بل إن مسلسل "الملك فاروق" هو جزء من مشروعه الفني التاريخي، وحلقة من السلسلة التي بدأ برسمها في مطلع الألفية بمسلسل "الزير سالم" والتي عالج فيها درامياً حكايات شخصيات إشكالية في التاريخ العربي. شملت سلسلته "الزير سالم" و"صلاح الدين الأيوبي"، قبل أن ينتقل لتقديم حكايات ملوك الأندلس في "صقر قريش" و"ربيع قرطبة" و"ملوك الطوائف"، وعرّج على فلسطين ليرسم حكاية "التغريبة الفلسطينية"، قبل أن يدخل مصر بـ"الملك فاروق"، ويعود منها إلى الجزيرة العربية بحكاية "صراع على الرمال" ومسلسل "عمر".
عندما عاد حاتم علي إلى مصر عام 2017، لم يدخل من الباب الذي غادر منه، ورفض أن يتعكز على ماضيه ويلجأ إلى الدراما التاريخية ليبني جسراً يمهد له الطريق، ليفاجئ الجميع بالدخول من بوابة دراما الإثارة والجريمة في مسلسل "حجر جهنم" الذي تمكن من خلاله من أن يضع حجر الأساس للخط الجديد الذي بناه في "أم الدنيا"؛ مؤكداً أنه لم يلجأ إلى الخيار السهل أبداً، وهو الذي رفض الانخراط في موجة الدراما العربية المشتركة علماً أن طريقه كان ممهداً إليها منذ 2011، حين أشرف على "مطلوب رجال". وفي رحلته الأخيرة، أخرج حاتم علي ثلاثة مسلسلات، أولها "حجر جهنم"، ثم مسلسلي "كإنه مبارح" (2018) و"أهو ده اللي صار" (2019).