أكمل الصحافي المصري معتز ودنان عامه التاسع والثلاثين، يوم الجمعة، داخل زنزانته في "سجن طرة" شديد الحراسة، الشهير بـ"سجن العقرب"، حيث يقبع المتهمون في القضايا السياسية وتلك المتعلقة بأمن الدولة.
وعلى مدار الساعات الماضية، استقبل حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وصفحة "الحرية لمعتز ودنان" عشرات التهاني والمباركات في ذكرى ميلاده، وركزت كلها على التمني بإطلاق سراحه قريباً ولمّ شمل الأسرة ووضع حد لهذه القضايا الدوارة لإبقائه أطول فترة ممكنة في السجن.
في مايو/أيار الماضي، بعد 48 ساعة فقط من إخلاء سبيله على ذمة القضية 441 لسنة 2018، فوجئ الصحافي معتز ودنان وأسرته ومحاموه بتدويره على ذمة قضية جديدة، وهي القضية رقم 1898 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، باتهام الترويج لارتكاب أعمال إرهابية.
تمّ تدوير معتز ودنان على ذمة قضية جديدة في مايو بعد ساعات من إخلاء سبيله
مصطلح التدوير يستخدم للإشارة إلى حالات يصدر فيها قرار بإخلاء سبيل سجين سياسي أو سجين رأي، وهو قرار يتأخر عادة، وبعدما يدخل المعتقل في إجراءات إخلاء السبيل التي تتخللها فقرات غير قانونية، يفاجأ بعرضه أمام النيابة متهماً في قضية جديدة، ربما بنفس الاتهامات القديمة، وربما في قضية بدأت قبل سجنه ويستحيل عملياً مشاركته فيها. وقد ينال المعتقل حريته لبضعة أيام أو شهور، قبل أن يعاد القبض عليه وسجنه، وربما لا يرى شمس الحرية ولو لساعة، فيجد نفسه محولاً إلى السجن من جديد.
وكان يفترض أن تخلي السلطات المصرية سبيل معتز ودنان في فبراير/شباط الماضي، بعدما مر على حبسه احتياطياً عامين كاملين، وهي أقصى مدة للحبس الاحتياطي في القانون المصري، إلا أن حبسه استمر بالمخالفة للقانون، إلى أن تم تدويره في القضية الجديدة.
قوات الأمن المصرية ألقت القبض على ودنان في 16 فبراير/شباط عام 2018، على خلفية حوار أجراه مع رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، المستشار هشام جنينة، ليضم إلى القضية 441 لسنة 2018، المعروفة بـ"الثقب الأسود الذي يبتلع الصحافيين"، بالتهمة المكررة، أي "الانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون ونشر أخبار كاذبة".
كان يفترض إخلاء سبيل ودنان في فبراير الماضي، علماً أنه معتقل منذ عام 2018
ودنان تخرّج من كلية الآداب في جامعة القاهرة، وكان يعمل في موقع "هاف بوست عربي" حيث نشرت مقابلته مع جنينة، كما عمل محرراً في صحيفة "أهل مصر"، ونائباً لرئيس تحرير صحيفة "بلدنا اليوم".
ومنذ إلقاء القبض عليه، أضرب معتز ودنان مرتين عن الطعام، المرة الأولى لمدة 3 أسابيع اعتباراً من 14 يونيو/حزيران عام 2018، بسبب توقف طفله عن الكلام جراء ما حدث معه بسبب المعاملة السيئة التي يتعرض لها داخل السجن، من حيث المنع من الزيارات والتريض ودخول أي أدوات نظافة شخصية أو ملابس داخلية منذ لحظة حبسه احتياطياً.
أنهى ودنان هذا الإضراب جبراً، بعدما تعرّض للضرب داخل السجن، الأمر الذي دفع أسرته حينها إلى تقديم طلب إلى النائب العام آنذاك المستشار نبيل صادق، للتحقيق في الواقعة واتخاذ الإجراءات المناسبة.
ألقي القبض على ودنان بعد مقابلة مع المستشار هشام جنينة، وأضرب مرتين عن الطعام
وبسبب هذا الإضراب وصل وزن معتز ودنان إلى 50 كيلو في 18 يوليو/تموز عام 2018، حسبما ذكرت شقيقته.
وفي 1 يناير/كانون الثاني عام 2019، بدأ معتز ودنان إضرابه الثاني، بسبب قرب إتمامه عاما من الحبس الاحتياطي، وتضامنت معه والدته هذه المرة، فبدأت إضراباً عن الطعام، في 15 مارس/آذار عام 2019، وفق ما ذكرت شقيقته في منشور لها على موقع "فيسبوك". لكن حالتها الصحية تأثرت بشكل بالغ بعد أسبوع من الإضراب، فقررت إنهاءه بتعليق المحاليل الطبية، وكذلك أنهى نجلها معتز ودنان الإضراب بضغط من إدارة السجن.
وبسبب منعه من التريض أغلب الوقت، وتعرّضه للضرب أكثر من مرة داخل السجن لإجباره على فك الإضراب عن الطعام، وعدم السماح بدخول الأدوية الخاصة بالأمراض الروماتيزمية له، عانى ودنان من آلام شديدة في العظام، لكن بعد السماح له بإدخال بعض الأدوية تحسنت حالته الصحية.
وودنان متزوج ولديه 4 أطفال، وهم إياد وآدم وريتاج ورهف.