عبّر صحافيون مصريون عن رفضهم انضمام مؤسس ما عُرف بحركة "تمرد"، التي تم استخدامها للإطاحة بالرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي عام 2013، النائب البرلماني الحالي محمود بدر إلى نقابة الصحافيين.
وفوجئ الصحافيون بورود اسم محمود بدر في قوائم المتقدمين للحصول على عضوية النقابة ضمن الصحافيين المتقدمين والعاملين بجريدة "اليوم السابع"، رغم أنه لم يعمل إطلاقاً كصحافي في الجريدة، بحسب ما أكده صحافيون من داخل المؤسسة التابعة للمجموعة "المتحدة" للخدمات الإعلامية، المملوكة للمخابرات العامة.
وحذّرت "كتلة شباب الصحافيين" النقابة من قبول عضوية بدر، وكتبت على صفحتها على "فيسبوك"، أن بدر سيكون في نقابة الصحافيين قريباً بمساعدة ومساندة أكرم القصاص (رئيس تحرير اليوم السابع الحالي).
ونقلت الصفحة عن الصحافي محسن هاشم قوله: "اصحي يا نقابة الصحافيين... محمود بدر واللي في حياته ما مارس الصحافة، وعضو مجلس نواب ازاي معرفش. واسمه الحقيقي محمود إسماعيل منصور".
وتابع: "اسماعيل مقدم عشان عاوز يبقى عضو نقابة الصحافيين.. طب ده مارس الصحافة إيمتى.. ولا طوال حياتنا الصحافية سمعنا إنه عمل بالصحافة، ويشيع أنه مسنود"، مضيفاً: "أنا أطالب النقيب ومجلس نقابة الصحافيين بوقف هذه المهزلة وإلا سألجأ للقضاء".
وبدأت حكاية "تمرد"، بحسب أحد المقربين من مؤسس الحملة النائب محمود بدر، عندما قرر رئيس تحرير جريدة "التحرير" في ذلك الوقت إبراهيم عيسى فصل مجموعة من الصحافيين الشباب بالجريدة تخفيضاً للنفقات، بحجة أنهم لا يمارسون عملهم بالمستوى المطلوب، فقرروا إثر ذلك، وباقتراح من محمود بدر، والذي ترك عمله في الصحيفة مع عيسى قبل فصل هؤلاء، تدشين وسم بعنوان "#تمرد_ضد_إبراهيم_عيسى".
واستمروا من خلال هذا الوسم في الهجوم على إبراهيم عيسى واتهامه بأنه يهدر حق الصحافيين ويحرمهم من حقوقهم، ووصل الأمر ذات مرة إلى تنظيم وقفة احتجاجية ضده في مقر الجريدة، ناله منها ما نال من تهكم وسباب، وهتف فيها محمود بدر ضد عيسى ووصفه بـ"أبو حمالات"، وهو الوصف الذي اعتاد معارضو عيسى أن يصفوه به. وقرر عيسى الاعتكاف في منزله لفترة طويلة، ولم يعد إلى عمله حتى تم فصل جميع الذين شاركوا في تلك الوقفة.
طرأت لمحمود بدر فكرة تحويل اتجاه حملة "تمرد" من ناحية إبراهيم عيسى إلى "تمرد ضد الرئيس مرسي". وجدت الفكرة صدى لدى المجموعة المحيطة ببدر، فأخذوا على عاتقهم تطويرها والدفع بها، وقاموا بطباعة بعض الاستمارات التي وُزعت في ميدان التحرير خلال فعاليات احتجاجية لاحقة، وقاموا بجمع العشرات والمئات من التواقيع.
في هذا الصدد، لفت عضو في "تمرد" إلى أن "الحملة استطاعت فعلاً في بداية الأمر أن تجد بعض المؤيدين هنا وهناك، كما استطاعت أن تجد متطوعين في بعض المحافظات يقومون بجمع التواقيع".
وكشف عن أن الأمر استمر حتى ورود اتصال من أحد ضباط المخابرات لمحمود بدر، موحياً بأن الوضع تغير إثر هذا الاتصال. ووفقاً لزميل بدر السابق، فإنه "منذ عقد الاتفاق مع المخابرات، تغيّر وضع بدر السياسي والإعلامي"، لا سيما بعدما انهالت الأموال عليه وعلى الحركة من قبل دولة الإمارات التي كانت تستعجل الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، وفق قوله.
زميل صحافي آخر عمل مع عيسى أثناء رئاسة الأخير لجريدة "التحرير"، روى بدوره فصلاً من فصول تلك القصة، مؤكداً أن "نشر أخبار حركة تمرد كان من المحظورات في جريدة التحرير، نظراً لأن عيسى كان يحمل ضغينة لمحمود بدر، بسبب الحملة التي قادها الأخير ضده. فكان عيسى يرفض نشر أي خبر حتى لو كان صغيراً عن بدر أو الحركة. غير أن الأمر تبدّل إثر تدخلات عليا، تحوّل معها محمود بدر لدى إبراهيم عيسى إلى المناضل الصلب، والشاب النقي".
عضو "تمرد" السابق شدّد على أنه "بعد ذلك التاريخ أيضاً فتحت جميع الأحزاب المصرية أبوابها لبدر وزملائه، حتى أن رئيس حزب الوفد السيد البدوي نظم مؤتمراً في مقر الحزب للحركة رغم عدائه التاريخي مع محمود بدر، والذي يعود للأزمة التي وقعت قبيل ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، عندما كان بدر محرراً في جريدة الدستور واشتراها السيد البدوي بأوامر من جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة) وقتها، من أجل تفريغها من مضمونها المعارض للرئيس المخلوع حسني مبارك. وقام بإنهاء عقد عيسى وكثير من الصحافيين، ومنهم محمود بدر، فاعتصم هؤلاء داخل نقابة الصحافيين احتجاجاً على ذلك".
وأضاف زميل بدر أنه "في المؤتمر الذي نظمه السيد البدوي لحركة تمرد، بحضور رئيس حزب الوفد السيد البدوي، والأمين العام للحزب فؤاد بدراوي، ومساعد رئيس الوفد منير فخري عبد النور، وعدد من قيادات الحزب، تم عرض عشرات من الصناديق قيل إنها دفعة جديدة من استمارات تمرد، والتي تم توقيعها من خلال المقر المركزي لحزب الوفد وتضم 900 ألف استمارة". إلا أن تلك الصناديق حسبما أكد عضو "تمرد" السابق "كانت تحتوي على مجرد أوراق فارغة لا تحمل أي تواقيع".
وفي هذه الأثناء، أعلنت عضو اللجنة المركزية لحملة "تمرد" مي وهبة عن تجاوز عدد التواقيع ثلاثة ملايين توقيع، معربة عن سعادتها بالإقبال الشديد من المواطنين على توقيع استمارات "تمرد"، سواء داخل أو خارج مصر. ثم أعلن محمود بدر بعدها بأيام قليلة تجاوز التواقيع 22 مليون توقيع، إلا أن زميل بدر المقرب وزميله السابق في الحركة شدّد على أن كل الأرقام المليونية التي أعلنت عنها الحركة كانت غير حقيقية على الإطلاق.