أصدرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير تقريراً جديداً يتناول أوضاع الحريات في السنوات العشر الأخيرة في مصر. وبحسب التقرير فإن العقد الأخير اتّسم "بانسداد كامل في مختلف شرايين الحياة في المجتمع المصري: اقتصاديّاً، وسياسيّاً، واجتماعيّاً، وفكريّاً، وثقافيّاً، وأُغلقت مختلف منافذ المجال العام، إلى جانب قمع واسع النطاق".
ورأى التقرير، الصادر مساء الخميس، أن ما حدث منذ 2014 هو عملية متكاملة، "سعت إلى السيطرة على المحتوى الإبداعي عبر نوافذه التقليدية". بدأت أولى تلك السياسات باحتكار شبه كامل للقنوات التلفزيونية وشركات الإنتاج والتوزيع والإعلام عبر الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التي تعود ملكيتها إلى جهاز المخابرات العامة، أحد الأجهزة الرئيسية الضالعة في إدارة المشهد في مصر في مختلف المستويات، وما نتج منه من وضع قيود على المحتوى الإبداعي، بما يتناسب مع الرؤية الحكومية لمختلف القضايا.
وجاء في التقرير أن قانون تنظيم الإعلام الذي شكّل عدداً من المجالس، على رأسها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، لعب دوراً خلال السنوات الماضية في إحكام السيطرة على المحتوى الإبداعي المعروض على القنوات المصرية. كما "لعبت أجهزة الأمن المصرية دوراً رئيسياً في استهداف المبدعين والأعمال الإبداعية، خارج التوجهات العامة للحكومة. وساقت كل تلك الأجهزة والمجالس انتهاكاتها ضد المبدعين تحت دعاوى: سياسية وأمنية، ودينية. أدى ذلك في النهاية إلى ضعف المحتوى الإبداعي".
ومع ذلك؛ بالتوازي زاد استخدام المصريين لمواقع التواصل الاجتماعي لنشر محتوى ثقافي وفني، خصوصاً خلال الثلاث سنوات الماضية، حيث مكنت الإجراءات التي اتخذت خلال انتشار وباء كوفيد - 19 وعلى رأسها إجراءات التباعد الاجتماعي من زيادة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة التي تعتمد على المحتوى المرئي، مثل "يوتيوب" و"تيك توك".
ورأت المؤسسة أن انتشار تلك النوافذ الجديدة سمح بمعايير أكثر حرية، وبقيود أقل حدة بكثير من تلك التي أوجدتها أجهزة ومؤسسات الدولة على النوافذ التقليدية، إذ إنه في الوقت الذي لا يرى فيه أي عمل إبداعي ينتقد سياسات حكومية أو يظهر أيًّا من المؤسسات الأمنية بشكل سلبي، يوجد ذلك متاحًا في مقاطع فنية كثيرة منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما أثار انتباه الأجهزة الأمنية، التي عملت على استهداف عدد من صنّاع المحتوى الإبداعي على تلك المواقع وإحالتهم إلى نيابة أمن الدولة العليا.