ستغلق حركة "طالبان" وسائل الإعلام في أفغانستان، فيما تخدع الغرب بوعود بالسماح للصحافيين بمزاولة عملهم بحرية، وفق ما يرى مصور أفغاني حائز جائزة مرموقة، بعدما فرّ من كابول، خشية تهديدات وجهتها الحركة.
وقال المصور مسعود حسيني، وهو حائز جائزة "بوليتزر" في 2012 عندما كان يعمل لحساب وكالة "فرانس برس"، بينما بات الآن يعمل مستقلاً، إن الحكام الجدد في أفغانستان يفرضون قيوداً على الصحافيات تحديداً. ويأتي تخوف المصور البالغ 39 عاماً على مستقبل وسائل الإعلام في أفغانستان، بينما يحاول استيعاب هروبه الدراماتيكي من كابول على متن آخر رحلة تجارية، في اليوم الذي استولت فيه "طالبان" على السلطة.
Girl screams after suicide bomber attacks a crowd at a shrine in Kabul. The photo won a Pulitzer for Massoud Hossaini pic.twitter.com/kQb2sS4R
— Jeremy Vine (@theJeremyVine) April 19, 2012
وقال حسيني، الموجود حالياً في هولندا، لـ"فرانس برس": "سيكون الوضع سيئاً جداً. إنهم يسعون لقتل وسائل الإعلام، لكنهم يفعلون ذلك ببطء". أضاف: "عندما تقبض طالبان على أحد، أولاً يقبضون عليه ثم يقتلونه، وهذا ما يحصل الآن لوسائل الإعلام".
بعد سقوط كابول، شدد مسؤولو "طالبان" على أنّ الصحافيين، ومن بينهم النساء، يمكنهم الاستمرار بالعمل بحرية ولن يتعرضوا لمضايقات، بل عقدت الحركة مؤتمراً صحافياً رسمياً، أجاب فيه متحدث باسمها عن أسئلة.
لكن حسيني الذي حازت صورة التقطها في 2012، لفتاة أفغانية بلباس أخضر اللون تبكي في هلع بعد هجوم انتحاري، الجائزة الثانية في مسابقة "وورلد برس فوتو"، قال إن وعود "طالبان" كاذبة.
وفي معرض لـ"وورلد برس فوتو"، في نيوفي كيرك في أمستردام، قال إنّ "طالبان ستغلق بشكل تام وسائل الإعلام، وسيقطعون الإنترنت كلياً، وقد يصبحون كوريا شمالية أخرى في المنطقة". أضاف: "حالياً هم يخدعون المجتمع الدولي، يخدعون الغرب"، معتبراً المؤتمر الصحافي "وسيلة تحايل".
وحسيني الذي تسعى الحركة منذ مدة طويلة لاستهدافه، فرّ من أفغانستان، بعدما علم أن الحركة "تكره جداً" خبراً نُشر أخيراً، كشفه هو وصحافي أجنبي عن قيام الحركة بتزويج نساء وفتيات قسراً لمسلحيها.
بعد تلقيهما تهديدات على وسائل التواصل الاجتماعي، حجز الصحافيان بطاقتي سفر لمغادرة كابول، وسافر حسيني صباح 15 أغسطس/آب، بعدما باتت سيطرة "طالبان" مؤكدة. وقال: "عندما أقلعت الطائرة، وكانت آخر رحلة تجارية قبل سقوط كابول، بكينا". أضاف: "رأيت أنّ العديد من الأصدقاء، وحتى أجانب، كانوا يبكون، لأنهم مثلي، شعروا بأنْ ليس بإمكاننا العودة إلى كابول مجدداً".
غرقت كابول في فوضى ومشاهد مروعة، وخرجت عن الهجوم الانتحاري أمام مطار كابول الخميس صور "أسوأ" من تلك التي حققت لحسيني الفوز بـ"بوليتزر". وقال إن "الصور الملتقطة من الهجوم (الخميس) مروعة بدرجة كبيرة. لم أتصور على الإطلاق أن يُقتل العديد من الأشخاص في قناة صغيرة، وأن تمتلئ تلك القناة بدماء الناس".
وحسيني، المقيم حالياً في المنفى، قال إنه سمع العديد من الشكاوى من صحافيين آخرين لا يزالون في أفغانستان، حول وضع وسائل الإعلام في ظل الحكام الإسلاميين الجدد للبلاد.
وفيما كان المذيعون "الأكثر شهرة" في التلفزيون الأفغاني حتى وقت قريب من النساء، قالت له صحافية معروفة إن "طالبان لا تسمح لي حتى بالخروج من مكتبي"، وإنها تحاول الآن المغادرة، وفقاً له. وقال حسيني: "بالتأكيد لا يمكن أيّ امرأة السير في الشارع، نرى أن الصحافيات يخرجن مع ميكروفون، وهذا غير ممكن".
لكن الضرر الأكبر قد يكون القضاء على جزء كبير من المشهد الإعلامي النابض في أفغانستان الذي نشأ في السنوات العشرين الماضية، بعد إطاحة "طالبان"، في أعقاب اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول عام 2001.
وقال حسيني: "هذا يعني أنهم قتلونا بالفعل". وأمضى هذا المصور الصحافي معظم سنواته العشرين الأولى لاجئاً في إيران، وعاد إلى أفغانستان بعد اعتداءات سبتمبر/أيلول. وقال: "أريد حقيقة العودة إلى أفغانستان، هناك بيتي وذكرياتي. أحببت أفغانستان من طريق التصوير، وأحببت التصوير بسبب أفغانستان، وبذلت كل ما في وسعي".
(فرانس برس)