نشرت صحف مصرية تصريحات منسوبة لزوجة الإعلامي الراحل وائل الإبراشي، تتهم فيها طبيباً بارتكاب خطأ أدى لوفاته، قبل أن تنشر إحداها منشوراً، دعت فيه القراء إلى "توجيه كلمة للطبيب"، مما دفع طبيباً إلى مطالبتها بنفي موثق أو اعتذار رسمي، وإلا اللجوء للإجراءات القانونية.
توفي وائل الإبراشي الأحد، بعد معاناته من مضاعفات إصابته بفيروس كورونا العام الماضي.
وعقب تداول تصريحات زوجته، نشرت صحيفة مصرية منشوراً عبر حسابها على "فيسبوك"، دعت فيه قراءها لـ"توجيه كلمة للطبيب المتسبب في تدهور حالة الإعلامي وائل الإبراشي بسبب خطأ طبي".
وعلى خلفية تلك الواقعة، تقدم الطبيب وعضو مجلس نقابة الأطباء المصريين سابقاً، إيهاب الطاهر، بطلب رسمي لمجلس نقابة الأطباء، للتحقق من صحة نسب هذا المنشور، وقال إنه "حال ثبوت صحته، فإنه يجب على الصحيفة الاعتذار عنه، أو يتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدها، لقيامها بمخالفة قانون تنظيم الإعلام، وكذلك ميثاق الشرف الصحافي".
وأشار الطاهر في مذكرته الرسمية إلى أن "المنشور افترض أن الطبيب قد أخطأ فعلاً، وبالتالي فقد أصدرت حكمها عليه بالإدانة، وذلك قبل أن يتم إجراء أي تحقيق أو إثبات للإدانة، حال تقديم شكوى رسمية بذلك".
كما أكد الطاهر أن المنشور "يعد من جرائم القذف والتشهير، حيث إنه أسند إلى الطبيب أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقابه قانوناً وأوجبت احتقاره عند أهل وطنه، وذلك طبقا لنص المادة رقم 302 من قانون العقوبات (...) هذا المنشور يعد تحريضاً على الكراهية، ومخالفة للمهنية الصحافية، وذلك بإصدار حكم عن طريق الاستماع لطرف واحد، من دون الاستماع لأقوال الطرف الآخر".
واستند الطاهر إلى بعض مواد القانون رقم "180" لسنة 2018، بإصدار قانون تنظيم الصحافة والإعلام، ومنها المادة "4" التي تنص على أنه "يُحظر على المؤسسة الصحافية والوسيلة الإعلامية والموقع الإلكتروني نشر أو بث أي مادة أو إعلان يتعارض محتواه مع أحكام الدستور، أو تدعو إلى مخالفة القانون، أو تخالف الالتزامات الواردة في ميثاق الشرف المهني أو تخالف النظام العام والآداب العامة، أو يحض على التمييز، أو العنف، أو العنصرية، أو الكراهية".
كما ذكر أن المادة "17" تنص على أن "يلتزم الصحافي أو الإعلامي في أدائه المهني بالمبادئ والقيم التي يتضمنها الدستور، كما يلتزم بأحكام القانون وميثاق الشرف المهني والسياسة التحريرية للصحيفة أو الوسيلة الإعلامية المتعاقد معها، وبآداب المهنة وتقاليدها، بما لا ينتهك حقاً من حقوق المواطنين أو يمس حرياتهم". وأشار إلى المادة "19" التي تنص على أنه "يُحظر على الصحيفة، أو الوسيلة الإعلامية، أو الموقع الإلكتروني، نشر أو بث أخبار كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون، أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوي على تمييز بين المواطنين، أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب، أو يتضمن طعناً في أعراض الأفراد أو سباً أو قذفاً لهم، أو امتهاناً للأديان السماوية أو للعقائد الدينية".
ومن هذا المنطلق، وبناءً على المخالفات المهنية التي ارتكبتها الصحيفة في منشورها، طالب الطاهر بنفي موثق أو اعتذار رسمي، وإلا اللجوء للإجراءات القانونية.
يعاني الأطباء في مصر من اعتداءات متكررة من أهالي المرضى، لا سيما في المستشفيات الحكومية والجامعية، في ظل منظومة صحية متهالكة، عدا عن النقص الكبير في عدد هؤلاء، بعد هجرة عشرات الآلاف منهم إلى دول الخليج العربي وأوروبا والولايات المتحدة على مدى العقود الماضية، بحثاً عن ظروف عمل وفرص أفضل، وهي هجرة تزايدت وتيرتها خلال أزمة جائحة كورونا.
ولطالما طالب الأطباء الحكومة ومجلس النواب بإدخال تعديل تشريعي يغلظ عقوبات الاعتداء عليهم أثناء تأدية عملهم، فالعقوبة الحالية هي الحبس لـ6 أشهر في حدها الأقصى، بينما تصل إلى السجن لـ10 سنوات في بعض الدول العربية، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
كما يأتي العديد من وقائع التحريض على الأطباء والاعتداء عليهم في مقرات عملهم من قبل أهالي المرضى، في ظل تباطؤ السلطات التشريعية في مصر في إصدار "مشروع قانون المسؤولية الطبية" الذي يمثل ضرورة ملحة لانتظام تقديم الخدمة الصحية وضبط آليات التعامل بين مقدم الخدمة ومتلقيها في حالة حدوث ضرر طبي.
وتشمل أهم بنود "مشروع قانون المسؤولية الطبية"، المعروض من نقابة الأطباء، إنشاء هيئة لتقرير المسؤولية عن الضرر الطبي، تكون مستقلة عن الجهات التنفيذية وتعد جهة استشارية تتبع النائب العام، وتضم ممثلين عن المرضى ومصلحة الطب الشرعي ومجلس القضاء ونقابة الأطباء ووزارة الصحة والمستشفيات الجامعية، وتنسق مع اللجان النوعية في التخصصات المختلفة من تحديد وقوع الضرر على المريض نتيجة خطأ من مقدم الخدمة وتحديد جداول التعويض المالي لمتلقي الخدمة، تبعاً للضرر الواقع عليه.
ويلغي مشروع القانون العقوبة السالبة للحرية (الحبس) في حالة وقوع ضرر للمريض أثناء ممارسة المهنة للمرخص لهم والمتبعين فقط للقوانين واللوائح المقننة لممارسة المهن الطبية، وأما مَن دون ذلك فتتم مناظرتهم أمام جهات التحقيق بالقوانين المختصة.