قبل تسع سنوات، أصدر المغني اللبناني فارس كرم أغنية عنوانها "اللي بيكذب على مرتو"، من كلمات وألحان وائل الأشقر وتوزيع عمر صباغ. حققت الأغنية، آنذاك، على الصفحة الرسمية لشركة الإنتاج "روتانا"، أكثر من عشرين مليون مستمع.
لكن، قبل أيام، يُفاجأ كاتب وملحن الأغنية وائل الأشقر بأنها مسروقة من قبل مغنٍّ إسرائيلي منذ عام 2013، بعد أشهر قليلة من إصدارها بصوت صاحبها فارس كرم. يؤكد الأشقر، في اتصال مع "العربي الجديد"، أنه فوجئ بالتسجيل الذي وصل إليه على تطبيق "واتساب" من صديقه في فلسطين، وأرفق له بيانات ما ذكره المغني الإسرائيلي في التعريف عن الأغنية بعبارة "الملحن: عربي".
ليست المرة الأولى التي يجيز مغنّ إسرائيلي لنفسه سرقة أغنية أو لحن عربي، وإصدارها بكلمات عبرية، في وقت تجيز جمعية "ساسيم" الأمر لجميع المغنين في العالم، بعد التصريح عن نية الفنان في إعادة تسجيل الأغنية أو اللحن، مقابل بدل يتفق بشأنه، ويُراعى إلى جانب ذلك ما تحصده الأغنية على المواقع البديلة؛ إذ يحصل الملحن على 6 في المائة من مجموع العائدات المالية على كل مليون مستمع على "يوتيوب".
وقبل سنوات، دارت نقاشات كثيرة عن هذه المشكلة التي يعانيها معظم المحلنين، ولا سيما اللبنانيين منهم، وسرقة مجموعة لا بأس بها من الألحان لمروان خوري وسليم سلامة وسمير صفير، ومنها أغنية "ع بالي حبيبي" لإليسا (2010) التي أعادت تسجيلها المغنية الإسرائيلية سريت حداد (2011)، بعد أن حصلت على حقوق بيع اللحن من شركة أوروبية، وكتبت في بيانات التعريف عن الأغنية اسم الملحن اللبناني سليم سلامة الذي استنكر وأقام حملة يومها يندد بالسطو على الإنتاجات العربية، فيما أوضحت الشركة المنتجة، "روتانا"، بأنها لم ولن تسمح باستباحة محتواها الفني، وهي لم تعط تصريحاً أو تنازلاً عن الإنتاج العربي لأي مغن إسرائيلي.
الواضح أن "ساسيم" تحاول الحفاظ على حقوق الملحنين في العالم، بغض النظر عن جنسياتهم، لكن ذلك يخالف، إلى حد ما، حصول بعض المغنين الإسرائيليين على تنازلات من قبل شركات دولية تجيز لهم إعادة تسجيل اللحن وإصداره وفق اتفاقيات تعقد بين الشركات العربية الأصلية المنتجة المنفذة لهذه الإصدارات، وبين شركات أميركية وأخرى دولية، ليصبح باستطاعة الشركات العالمية بيع المحتوى الموسيقي أو اللحني للمنتج الإسرائيلي وفقاً للعلاقات الدبلوماسية التي تجمع أميركا وأوروبا مع الاحتلال الإسرائيلي.
مع اتساع انتشار المنصّات الإلكترونية والمواقع البديلة تصغر دائرة حقوق الملكية الفكرية، بل يُفتح أمامها مزيد من التسهيلات لعبور الأغاني والأفلام والمسلسلات إلى أنحاء العالم كافة، ما يُدرج تحت خانة التطبيع غير المباشر مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ويستبيح ما يريده المغني الإسرائيلي لإعادة تسجيله وإصداره متسلحاً باتفاقيات دولية قد تمهد لمزيد من التطبيع غير العلني، لكن هذه المرة ليس عبر اتفاقيات دبلوماسية معلنة، بل من خلال أغان شعبية لا تتجاوز مدتها الخمس دقائق.