منى الكاظمي: يفتقد التعليم في المعاهد السينمائية إلى التطبيق

28 سبتمبر 2024
المنتجة العراقية منى الكاظمي (من المنتجة)
+ الخط -

تُدير المنتجة العراقية منى الكاظمي "شركة عشتار للإنتاج السينمائي"، وتُنظّم مشاريع فنية، وورش تهيئة كوادر. ارتبطت بالشركة منذ تأسيسها عام 2017، ولها منجزات ونتاجات ومشاريع عدّة، منها إنتاج "كلشي ماكو" لميسون الباجه جي ("العربي الجديد"، 20 ديسمبر/كانون الأول 2021) و"موصل 980" لعلي محمد سعيد ("العربي الجديد"، 16 يناير/كانون الثاني 2023).

ماذا عن نشاط "شركة عشتار للإنتاج السينمائي"، والدور الذي تقوم به في تنشيط صناعة السينما في العراق؟ ما أبرز أعمالها؟
هدى الكاظمي أسّست الشركة عام 2017، هي التي لها خلفية سينمائية عميقة ومتنوّعة. الدور الرئيسي للشركة في العراق والأردن إنتاج أفلام سينمائية بأنواعها المختلفة، وثائقية وروائية ورسوم متحركة. عملها في الأفلام يمتدّ من الفكرة إلى التوزيع، مع كلّ ما تتطلّبه مرحلة الإنجاز.
البداية كانت إنتاج وثائقي طويل لميدو علي، "مدينة تحت الصفر"، المُصوَّر بين العراق وفرنسا أعواماً عدّة. الآن، بعد رحلة طويلة من مصاعب الإنتاج، بات الفيلم في المرحلة النهائية: تصحيح ألوان وصوت، وسيوزّع العام المقبل. في مرحلة تصويره والاشتغال عليه، نفّذت الشركة روائياً طويلاً لميسون الباجه جي، "كلشي ماكو"، وروائياً قصيراً لعلي محمد سعيد، "موصل 980". يتواصل العمل، مع إنتاج فيلمين روائيين طويلين: "النازح الأخير" لمهند حسن السوداني، و"ساعة السعادة في بغداد" لأيمن الشطري. هناك أيضاً "جنائن معلّقة" لأحمد ياسين.
منذ فترة قصيرة، انتهى تنفيذ الروائي الطويل "البصير" لعلي طوفان الفتلاوي، الذي صُوِّر كلّه في مدينة الجبايش، في أهوار العراق.

يُلاحظ أنّ للشركة مشاريع فنية عدّة. إضافة إلى إنتاجها أعمالاً فنية، تُنظّم ورشاً فنية.
منذ تأسيسها في العراق، كانت الصعوبة الثانية بعد التمويل إيجاد فريق عمل محترف بالاختصاصات كلّها: الكتابة والممثلون، وصولاً إلى أصغر عامل فني. لذا، اتّجهت إلى ورش فنية في بغداد والمحافظات، مع أساتذة وفنانين ذوي اختصاصات وأعمال مرموقة لتدريب شباب على العمل في أفلام الشركة، وتنمية قدراتهم على مواكبة وسائل التطوّر والحداثة في أساليب العمل. إذ لا تزال مناهج التعليم في العراق قديمة، وحال السينما كحال أي علوم أخرى، تتطوّر بمرور الوقت. لذا، يفتقد التعليم في المعاهد والكليات التطبيق العملي بدل النظري، وهذا يصعّب علينا مهام العمل، فنضطر أحياناً كثيرة إلى التعاون مع فرق عمل من الخارج لضمان الجودة ولتحقيق الإنجاز في الوقت المحدد.
هذه الطريقة مُكلفة حقّاً، وتتطلّب تمويلاً كبيراً لتغطية تكاليف السفر وكافة متطلّبات الفرق الأجنبية. لذا، بدأت الشركة تنظيم ورش عمل، والتعامل مع خرّيجيها. إنّها أفضل طريقة لاستمرار العمل في العراق وفق ميزانيتنا المحدودة.

هل لا تزال حركة الإنتاج في السينما العراقية تعاني الكثير؟ هل هناك تنسيق مع الجهات الحكومية مثلاً؟
إذا قارنّا العمل السيمائي في العراق بأيّ عمل عربي، نجد أنفسنا متأخّرين جدّاً. أول العراقيل ضعف التمويل والموارد المالية، ما يدفع إلى طلب التمويل من صناديق دعم خارجية، تطلب تمويلاً حكومياً من البلد الأم لإنتاج أي فيلم، لتمنح التمويل المطلوب. هذا يضطرّنا إلى التعاون مع منتجين مشاركين من دولة ما، لتأمين شرط التمويل. كلّ هذه الشروط تتطلّب وقتاً وعلاقات، فيضيع عامان أو ثلاثة لتوفير المال المطلوب للتصوير.
إضافةً إلى نقص الكوادر المحلية وضعفها، وهذا مُعرقل كبير في حركتنا السينمائية، إلى عراقيل أخرى تخصّ التوزيع والتسويق في العراق وخارجه، وهذا مجال لا نزال متأخّرين جداً فيه.
أما بالنسبة إلى التنسيق الحكومي في العراق، فهناك تعاون كبير في أعمالنا في مختلف المحافظات: موافقات أمنية، تصاريح عمل، سهولة التنقّل والتصوير، حماية الفرق الأجنبية، توفير السكن وإلاقامة في مكان ما إذا تتطلّب الأمر، وغيرها من الأمور. هذا التعاون يشمل الوزارات والدوائر الحكومية.

ما مدى إسهام هذه الورشات في صقل مواهب الشباب؟
ساهمت ورشات عدّة في صقل مواهب الشباب، خاصة تلك المُكثّفة، التي تمتدّ لأسبوعين تقريباً، وتبدأ من الفكرة لتنتهي في التوزيع. يمرّ المُشارك بالمراحل كلّها في صنع فيلم، ويكتشف ما يحبّ، أو ما يجد نفسه أجدر به للعمل. في غالبية الورش، ينتهي الطلاب بصنع فيلم واحد على الأقلّ، إذ يجتمعون باختصاصاتهم المختلفة لصنعه، وهذا يجعلهم يجرّبون ما يرغبون فيه.
نحن على تواصل مع معظم المشاركين في الورشات، لدعمهم باستمرار في سوق العمل، وللعمل على مشاريعهم الخاصة. هناك عدد كبير منهم يعمل اليوم على أفلام خاصة.

غرف الكتابة تجربة ساهمت الشركة في إنعاشها، وجعلها ضرورة في المشهدين التلفزيوني والسينمائي. ما طبيعة هذه التجربة؟
أسّس غرفة الكتابة الكاتب والمخرج مصطفى ستار الركابي منذ سنوات. في عام 2019، طُرحت الفكرة على هدى الكاظمي لإدارتها. لكنْ، بسبب زخم العمل ومشاغل الركابي والكاظمي، لم يُعمَل عليها جدّياً. إلى أن جاءت فترة كورونا عام 2020، فتوقّف العمل الميداني، وكانت فرصة الكتابة عظيمة. تواصل الركابي والكاظمي مع كتاب "أونلاين"، لمناقشة الفكرة، التي تشمل كتابة كلّ شيءٍ فني: دراما ومسرح وسينما وبرامج تلفزيونية وإذاعية، إلى مواقع التواصل الاجتماعي والإعلانات.
بالفعل، لاقت الفكرة ترحيباً كبيراً من الكتاب في العراق وخارجه. وكان أول عمل لها مسلسل "قصص الجابر"، المعروض على قناة الفرات عام 2020، والذي تعاون على كتابته خمسة كتاب، اشتغلوا يومياً وناقشوا كلّ شيء "أونلاين" في نهاية كل يوم، فكانوا يقرأون الملاحظات ويستمعون إلى الآراء، ويعدّلون المطلوب. سُلِّم العمل في فترة زمنية قصيرة، ونُفِّذ وعُرض، وكانت له نسبة مشاهدة عالية، ما شجّعنا على الاستمرار في المشروع، فتعاونا مع أكثر من 45 كاتباً في مختلف الاختصاصات.

ماذا عن علاقتكم بالقنوات والمنصّات العراقية؟
كسبنا ثقة قنوات ومنصّات عراقية عدّة في فترة قياسية، لكتابة برامج وطلب نصوص درامية لمواسمهم الرمضانية. من أعمال غرفة الكتابة: مسلسلات "العدلين" لحسن حسني (قناة الشرقية) و"العشرة" لعلي حديد (قناة الرابعة) و"تسجيل خروج" لعلي فاضل (منصة Tine Time) و"الكهف" لمصطفى كريم (المنصة نفسها).

أهمّ ما مَيّز غرفة الكتابة حينها اجتماع الكتاب "أونلاين"، وتنظيم ورش صغيرة، وإلقاء محاضرة في النقد الأدبي، ومناقشة كتاب أو رواية أو عمل أدبي، واستضافة مخرج أو ناقد أو شاعر للتحدّث عن أعمالهم. هذه الفترة مهمة لتبادل الأفكار ووجهات النظر، ولتطوير آفاق الكاتب ورؤيته، والاستماع إلى تجارب الآخرين.
استمرّ التعاون بين "عشتار العراق" ومصطفى الركابي في إدارة غرفة الكتابة حتى عام 2022، وكانت مسرحية "زمبلك" التي أخرجها هو، والتي عُرضت في "مؤسسة المحطة لريادة الأعمال". لاحقاً، انشغلت الشركة بتنفيذ أعمال سينمائية في محافظات عدّة. لكنْ، لا تزال غرفة الكتابة تعمل بإدارة الركابي، وآخر أعمالها "الجنة والنار" يُعرض على منصة "المنصة".

ما المشاريع المقبلة؟
تعمل الشركة على مشاريع عدّة في العراق والأردن، بين تطوير وإنتاج، سنعلن عنها في الوقت المناسب. نركّز الآن على إكمال مشاريعنا في مرحلة ما بعد الإنتاج، وتوزيعها في الفترة المقبلة. هناك ورش عمل عدّة حتى نهاية العام، بالتعاون مع "مؤسّسة المحطة لريادة الأعمال" في الاختصاصات السينمائية.
 

المساهمون