ما هو السبب الأساسي في فشل الحمية الغذائية عند كثيرين؟ لماذا يستعيد البعض كل الوزن الذي فقدوه أثناء الحمية، سريعاً؟ وما هو النظام الغذائي الأفضل للحفاظ على الوزن؟ أسئلة كثيرة يطرحها الأشخاص الذين يعانون من تغيرات مستمرة في وزنهم، في ظاهرة تسمّى "يويو دايت" أي فقدان الوزن ثمّ اكتسابه مجدداً بشكل متكرّر.
"السبب الرئيسي لفشل الحمية، هو اتباع نظام صارم وسريع للتخلص بأسرع وقت ممكن من عدد كبير من الكيلوغرامات الزائدة، تقول أخصائية التغذية مايا شقرا لـ"العربي الجديد". وتضيف: "لا يمكن لأحد الاستمرار طويلاً باتباع حمية صارمة تبدو شروطها قاسية. وهو ما يؤدي إلى استعادة نظام غذائي سيئ والإفراط في الأكل مجدداً للتعويض عن الشعور بالحرمان".
تعريف نظام الـ"يويو" تحديداً هو خسارة الوزن بمعدل معين ثم استعادته بمعدل أكبر. هنا توضح شقرا أن محاولة خفض الوزن بمعدل كبير من دون إشراف أخصائي/ة تغذية وبطريقة عشوائية ووفق حمية صارمة وسريعة يعتبر أساس المشكلة ويؤدي حكماً إلى الدخول في هذه الدوامة مع استعادة الوزن ومحاولة خفضه مرات متكررة بشكل غير مدروس. وتشرح الآثار السلبية لهذا النمط الغذائي على جسد الأنسان: أولا، تتراجع قدرة الجسم على حرق الوحدات الحرارية لأنه يعتاد على تخزين الأكل والدهون بسبب الحرمان ما يؤدي إلى زيادة الوزن أكثر من السابق. ثانياً، تراجع معدل العضلات في الجسم ومعه نشاط عملية الأيض. فيستعيد الأشخاص الذين يتبعون حمية صارمة وسريعة نسبة 30 إلى 65 في المائة من الوزن الذي تخلصوا منه خلال فترة سنة أو أقل. وثالثاً، يرفع هذا النوع من العادات الغذائية خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط القلب. وبقدر ما تكون خسارة الوزن كبرى، يكون الخطر على الصحة أكبر بعد.
تشير شقرا إلى أن الأشخاص الذين يعانون زيادة كبيرة في الوزن قد يكونون أكثر عرضة لمواجهة التقلبات المستمرة في الوزن وفشل الحميات التي يخضعون لها والسقوط في نظام الـ"يويو". إذ إنهم يفرطون أساساً في الأكل ويتبعون نظاماً غذائياً غير صحي غنياً بالدهون والوحدات الحرارية، كما أنهم نادراً ما يمارسون الرياضة. لكنها تشدّد على أن هذا التقلبّ في الوزن يطاول أيضاً أصحاب الأوزان "المعتدلة" خصوصاً هؤلاء الذين يمتنعون عن اتباع نظام غذائي معتدل وصحي في حياتهم اليومية.
ما الحل إذاً لمواجهة هذه المشكلة؟ تقول "عند الخضوع لحمية مدروسة بإشراف أخصائي/ة تغذية، من الطبيعي أن تسير الأمور بشكل أفضل. ففي هذه الحالة يُتّبع النظام الغذائي المتوازن فيمكن للفرد الاستمرار به للمدى البعيد". في الوقت نفسه تشدد شقرا على أهمية توصيات أخصائيي التغذية وإرشاداتهم بعد خفض الوزن لتثبيته حتى لا يزيد مجدداً في وقت لاحق. ونظام تثبيت الوزن هذا يجب أن يتحوّل إلى نمط حياة كامل.
وعكس الصورة النمطية الشائعة، فإن الالتزام بنمط الحياة هذا، ليس صعباً. فالحمية برأي شقرا لا يجب أن ترتبط بالحرمان، لكن بالأكل بشكل معتدل من مختلف الأصناف. كما تؤكد أن الطعام وحده غير كاف في تحقيق نمط حياة صحياً، بل يجب أن يترافق مع ممارسة الرياضة بمعدل 3 مرات في الأسبوع على الأقل.
وتشرح أن دور أخصائي/ة التغذية غالباً ما يكون بتوجيه الشخص ليتمكن من خفض وزنه للمدى البعيد والاعتماد على العادات الغذائية الصحية ليتمكن من تثبيت الوزن في وقت من الأوقات. بهذه الطريقة يمكن التحرر من "رهاب الحمية"، والخوف من استعاده الوزن الذي يفقده الفرد بسرعة. كما أنها تساعد على التخلص من مشكلة أخرى هي "الأكل العاطفي" (تناول الطعام لتغيير المزاج أو الشعور بتحسّن نفسي معيّن) الذي غالباً ما يقف خلف زيادة وزن كثيرين.