نظرية المؤامرة QAnon: أميركا دولة عميقة بمقدار 70 مليون صوت

17 نوفمبر 2020
محتوى ونظريات "كيو آنون" ممنوعة على مواقع التواصل الأشهر (جيف سوينسين/Getty)
+ الخط -

ما زال دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية. لم يتنازل بعد، وربما لن يتنازل. لكن، أثناء أسبوع الانتخابات وبعد هزيمة ترامب، نشطت بصورة ملموسة فئة من مؤيديه، تسأل: "ما الحل الآن؟"، خصوصاً أن ترامب هو "مخلص" هذه الفئة التي تؤمن بنظرية المؤامرة QAnon (كيو آنون)، التي تقترح أن ترامب كالمسيح ومنقذ أميركا من الدولة العميقة التي تقودها هيلاري كلينتون وجو بايدن، اللذين هما للمصادفة خصوم ترامب.

لكن المثير للاهتمام، هو وصف هذه الدولة العميقة، حسب المؤمنين بنظريّة المؤامرة هذه؛ فهي تتحكم بالديمقراطيين وأعضاؤها "جماعة شيطانيّة من السياسيين الديمقراطيين والعاملين في وسائل الإعلام الذين يديرون حلقة تجارة جنس أطفال، ويتآمرون ليسيطروا على الحكومة والمجتمع الأميركي". 

لا نظن أن هناك ما يمكن قوله بخصوص المنطلقات النظرية لهذه الجماعة، التي تتظاهر علناً وترفع أعلامها عالياً، والتي أيضاً يردد ترامب بعض ما تؤمن به على الفضائيات، لكن المريب أنهم ينتظرون حرباً أهليّة، ويتسلحون، ويرون ترامب كآخر جندي بوجه الجماعة الشيطانيّة التي يعمل سراً وعلانيّة ضدها. 

بدأت هذه الأفكار بالظهور للعلن عام 2017، وكأي نكتة تنتشر على الإنترنت، تحولت إلى حقيقة، وبدأت على موقع 4chan المثير للجدل، حيث نشر مجهول أثناء تحقيق مولر في الانتخابات الأميركية، منشوراً غير واضح، يتضمن مزيجاً من الجمل المفهومة، والعبارات التي تبدو سريّة. لكن ما يبدو أنه دعوة إلى الحرب وللوقوف بوجه هيلاري كلينتون والحرب الثقافيّة التي تقودها. 

لاحقاً، ظهرت منشورات أخرى، يدّعي صاحبها المجهول أنه يعمل في الدولة العميقة، وينشر هذه المعلومات لإنقاذ الولايات المتحدة، مخاطباً الوطنيين الخائفين على مصلحة البلاد. ومع استمرار المزحة وازدياد المتابعين، انتقلت إلى وسائل التواصل الاجتماعي الأشهر، كيوتيوب وفيسبوك، لتتحول إلى حراك حقيقي ينشط خلف الشاشات، وحتى بعد هزيمة ترامب، بقي المؤمنون بها "واثقين بالخطة"، التي لا نعلم ما هي بدقة، لكن ما نعرفه أن ترامب يعلم ما يفعل، وأنه سيقاتل من أجل البلاد.

 
المثير للاهتمام أيضاً في نشاط هذه المجموعة هو ارتباطها بالشاشات، سواء لمشاهدة ما هو جدّي أو ترفيهي، إذ يتضح حسب منشورات المؤمنين والمتابعين لهذه النظرية أنهم يترصدون كل تصريحات وتغريدات ترامب بحثاً عن رسائل سريّة ومشفرة يطلقها لهم في تحضير لما يسمى "العاصفة"، وهي حرب أهلية سيتملك فيها النخبة منهم حقوقهم الماليّة ويمارسون سلطتهم في حكم البلاد، وإعادة أميركا إلى العظمة. 

امتدت الحركة إلى خارج الولايات المتحدة، ويقال إنها تبشر بالعنف، الذي يتبناه اليمين المتطرف، وخطورتها تكمن أيضاً في قدرة هذه النظرية وأتباعها على احتواء أي خبر أو حدث مهما كان، وفهمه وإعادة تقديمه بصورة مختلفة تتوافق مع تصوراتهم عن العالم. وعندما صرح ترامب بأن الانتخابات زائفة، وروج لأن هناك موتى يصوتون لبايدن، تابع المؤمنون هذه القضية، وقالوا إن نظام التصويت في ميشيغن لم يكن يعمل، لكن الديمقراطيين غطّوا الأمر وادّعوا الفوز، موظِّفين "الموتى- الأحياء". 

يجد بعض مؤيدي ترامب فيه مخلصاً من الدولة العميقة التي تقودها هيلاري كلينتون وبايدن

هناك الكثير من الحيرة في أوساط المؤمنين بهذه النظرية، لكن الأمر بالنسبة لهم جزء من الخطّة، وكلما أمعن ترامب في الخسارة، كلما ازدادت شدّة إيمانهم، خصوصاً في ظل الانقسام الفكري الذي يواجهونه، فالبعض يرى أن هذه الجماعة السريّة، أو أعضاء الدولة العميقة، يشربون دم الأطفال، في حين أن فريقاً آخر يرى أن الأمر يقتصر على الاتجار الجنسي بالأطفال. 

يرى البعض أن هزيمة ترامب ستفرق هذه المجموعة، وسيكتشفون أن ترامب يستغلهم، بعكس مكتب الاستخبارات الفيدرالي الذي أصدر مذكرة العام الماضي يرى فيها أن هذه الجماعة من الممكن أن تشكل خطراً على الأمن القومي، ولا بد من أخذ ذلك بعين الاعتبار.

المساهمون