يشكّل حضور الممثلة السورية نظلي الرواس ميزةً خاصة في الدراما، رغم بحث خريجة "المعهد العالي للفنون المسرحية" في بداية سنوات عملها عن الحياة العائلية على حساب الظهور التلفزيوني، وهذا ما أخرّ ظهورها على الشاشة عدة سنوات لتربية بناتها، قبل أن تصل للجمهور عبر مسلسل "جلسات نسائية" (2011) بعدسة المخرج المثنى صبح.
الرواس أفسحت لنفسها المجال لتصبح حديث الشارع في زمن لم يكن فيه الـ"ترند" موجوداً، واستطاعت عبر مسلسل "بنات العيلة" (2012) وشخصية "ميرفت"، عبر مفردة "حبيبتي" التي نطقتها بطريقة خاصة، من أن تلفت النظر إلى ممثلة سورية ينمو حضورها في الظل.
الخيارات بقيت لدى الرواس مدروسة حتى عادت وأبهرت الجمهور في الدراما الواقعية عبر مسلسل "غداً نلتقي" (2015) مع المخرج رامي حنا، ونص قوي ومخرج قدّم مشروعه بعناية، لتتم التعويذة وتقدم في مساحة خاصة أداءً يكاد يوازي ثقل حضور "وردة" التي أدتها كاريس بشار في العمل. وعلى الرغم من أن الرواس وقفت في المسلسل للمرة الثانية مع الفنان السوري فادي صبيح، لكن الثنائية بدت بشكل مختلف تماماً، وهذا ما أبعدها عن فخ التكرار.
المساحة الفردية للرواس جاءت مع الراحل حاتم علي (1962 ــ 2020) في مسلسل "قلم حمرة" (2014)، إذ لعبت دور الأستاذة الجامعية التي تعاني من تأخر سن الزواج والأثر السلبي لحياة الوحدة على طريقة تفكيرها بالرجل وعلاقتها مع صديقاتها. ويمكن القول إنّ الرواس في الأدوار السابقة كانت تخرج من إطار عاطفي لآخر بثقة كاملة، فلا تكرار في ردات الفعل ولا استعارة للغة الجسد من ممثل آخر، وهذا ما أكسبها ملامح درامية مميزة تجمع بين القوة في الصوت والانفعال ومزيج من المشاعر الداخلية المضطربة.
ومع تدهور مستوى الصناعة الدرامية السورية واتجاه السوق إلى الدراما المشتركة، لم تأتِ التجربة في صالح الرواس بدورها في مسلسل "اتهام" (2014) إلى جانب المغنية اللبنانية ميريام فارس، فاختارت البقاء في سورية حيث أخذت خيار التراجع، فشاهدنا الرواس تعمل في "المؤسسة العامة للإنتاج" ضمن مسلسل "غفوة القلوب" (2019)، وترهق حضورها لمدة ثلاثين ساعة تلفزيونية، من دون أي أثر يذكر للعمل لدى المشاهدين أو إضافة لتجاربها السابقة.
كما اختارت الحضور في مسلسل "باب الحارة" الميت سريرياً بجزءيه العاشر والحادي عشر، وهو ما وجه لها انتقاداً واسعاً لبطولتها في مسلسل تحول إلى مثال للسخرية ضمن قصة درامية منتهية زمنياً، وضعف في التنفيذ والقدرة على جذب الجمهور لحكاية أصابها العفَن.
بالتوازي مع ذلك، كانت الرواس مترددة في دخول عالم المنصات، إلا أنّ إصرار المنتج محمد مشيش على إسناد البطولة النسائية لها في أولى تجاربه ضمن الدراما السورية "قيد مجهول" (2021) كان في غاية الصواب، لترفع من مستوى العمل، وتقدّم أداءً خلاباً إلى جانب الفنان عبد المنعم عمايري، وتبرز صورة الزوجة المنكسرة جراء تخبط زوجها، وتقدم واحداً من أقوى مشاهد مسيرتها في الحلقة الأخيرة حين تواجه زوجها بعد اكتشاف حقيقة مرضه النفسي.
أسابيع قليلة على عرض العمل الجماهيري، لتعود الرواس وتلفت النظر ضمن شخصية "أم كرمو" في مسلسل "على صفيح ساخن" (2021)، ابنة الشيخ الدمشقي التي تؤسس جمعية خيرية وتحاول من خلالها الترويج لأفكار دينية متزمتة، وينتهي بها المطاف للترشح لمجلس الشعب. مسار مدهش لتطور شخصية أرستقراطية جذبت الجمهور عبر كلمة "حبّابة".
ومع ذلك، فالرواس لم تهدأ لاختيار العمل التالي، فعبرت من العمل المثير للجدل "شارع شيكاغو" (2020) إلى المسلسل القصير "المنصة" (2020)، وصوّرت دور البطولة في المسلسل الشامي "ولاد البلد"، كما تستعد لبطولة مسلسل اجتماعي في موسم رمضان 2022 عن نص للكاتب فادي قوشقجي.
زخم قد يؤثر على توازن الأداء لدى الرواس، ويجعلها ممثلةً تختار الكم على حساب النوع، فهي التي تسعى لحفر اسمها بين نجمات الصف الأول في سورية تحتاج لظهور مدروس يقدّمها بشكل نخبوي للجمهور، وإلا ستقع مثل حال زميلات سوريات قبلن بأي دور يقدّم لهن، وأصبحن واحداً من الخيارات بدل أن يكن الخيار الأول وربما الوحيد للدور.