أصدرت نقابة الصحافيين اليمنيين تقريرها السنوي الخاص بوضع الحريات الصحافية في البلاد خلال عام 2023، ووثّقت عبره سلسلة من الانتهاكات المستمرة تجاه العاملين بمهنة الصحافة.
وقالت النقابة، في تقريرها الصادر أمس الأحد، أنّها رصدت 82 انتهاكاً بين مطلع 2023 وحتّى 31 ديسمبر/ كانون الأوّل الماضي، طاولت صحافيين ومصورين ووسائل إعلام ومقار إعلامية وممتلكات خاصة بصحافيين.
وسجّلت 17 حالة حجز للحرية بنسبة 20.7% من مجمل الانتهاكات، تلتها 14 حالة لمحاكمة أو استدعاء الصحافيين بنسبة 14.6%، إضافة إلى 10 حالات منع من ممارسة المهنة وإغلاق وسائل الإعلام. فيما تنوّعت الانتهاكات الأخرى بين منع صرف مستحقات الصحافيين، وفصلهم من العمل، ومصادرة الممتلكات، إضافةً إلى اختراق مواقع إلكترونية.
وارتكبت الحكومية الشرعية بكافة تشكيلاتها وهيئاتها 43 انتهاكاً (52% من مجمل الانتهاكات)، منها 20 انتهاكاً ارتكبتها قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي. أما جماعة الحوثي فارتكبت 31 انتهاكاً (38%)، فيما ارتكب مجهولون 5 انتهاكات (6%)، وكانت وسائل الإعلام مسؤولة عن 3 حالات انتهاك لحرية الصحافيين.
ومن أصل 17 حالة تخللها حجز للحرية، ارتكبت الحكومة الشرعية 14 انتهاكاً، فيما ارتكب الحوثيون 3 حالات خلال هذا العام. بينما يستمر اعتقال 5 صحافيين، هم: وحيد الصوفي ونبيل السداوي الموقوفان لدى الحوثيين، وأحمد ماهر وناصح شاكر الموقوفان لدى المجلس الانتقالي الشريك في الحكومة الشرعية، إضافةً إلى محمد قائد المقري الموقوف لدى تنظيم القاعدة في حضرموت منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2015.
ورصدت النقابة 12 حالة تهديد وتحريض على الصحافيين، ارتكب الحوثيون منها 6 حالات، فيما ارتكبت الحكومة 3 حالات وسجلت 3 حالات ضد مجهولين. كما وثقت 12 حالة محاكمة واستدعاء للصحافيين توزعت بين 5 أوامر قبض قهري، و5 حالات استدعاءات وتحقيق مع آخرين وحالة محاكمة واحدة، وحالة إصدار حكم قضائي تعسفي، ارتكبت الحكومة 9 حالات منها فيما ارتكب الحوثيون 3 حالات.
وحذّرت من أنّ الإجراءات القضائية تتجاوز قانون الصحافة والمطبوعات وقانون حق الحصول على المعلومات، وتتعامل بهواجس السلطات الأمنية لا بروح القوانين، لافتةً إلى استدعاء بعض الصحافيين من قبل جهات غير مختصة.
وكشفت النقابة عن وقوع 6 اعتداءات على الصحافيين أو المقار الإعلامية، أبرزها الاعتداء على مقر نقابة الصحافيين اليمنيين في عدن في مارس/ آذار بقوة السلاح من قبل موالين للمجلس الانتقالي الجنوبي الشريك في الحكومة الشرعية، والذين لا يزالون يسيطرون عليه حتى الآن.
كذلك، أشارت النقابة إلى أنّ ما يسمى بالهيئة الجنوبية للإعلام تمارس دوراً تنظيمياً متعسفاً تجاه الصحافيين في عدن، لافتةً إلى أنّها تقوم بمهام وزارة الإعلام وتفرض الكثير من القيود بحق العمل الصحافي، على الرغم من أنّها جهة غير مختصة.
ولفت التقرير إلى أنه في حال صدر حكم قضائي لصالح الصحافي، لا تلتزم السلطات بتنفيذه، بينما تعرقل بعض السلطات محاكمات الصحافيين وتحتجزهم لشهور دون تقديمهم للمحاكمة. كما لفت إلى أن السلطات المتعددة تمارس الرقابة على الصحافيين، وتلحق بهم الأذى بسبب مواقفهم وتتهمهم بالخيانة والعمالة بسبب آرائهم. إضافةً إلى التعامل مع الصحافيين عند كلّ الحواجز الأمنية كمتهمين يجب إيقافهم والتحقيق معهم.
وأشار التقرير إلى غياب التعددية الإعلامية، وإلغاء كل طرف أو سلطة مسيطرة على جغرافيا معينة أي نشاط صحافي أو وسيلة إعلام مستقلة أو معارضة، ما أدى إلى إيقاف قرابة 163 صحيفة ومجلة وإذاعة منذ بداية الحرب، ناهيك عن حجب أكثر من 200 موقع إخباري محلي وخارجي عن المتابعين في اليمن.
وقالت نقابة الصحافيين اليمنيين أن المعتقلين يعيشون ظروف اعتقال قاسية وتعسفية وغير قانونية، ويحرمون من الرعاية الصحية ويتعرضون للتعذيب دون حماية قانونية.
كذلك، نبّهت إلى رفض الحكومة الشرعية دفع رواتب الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام الرسمية في المناطق غير الخاضعة لسيطرتها، في مخالفة لمسؤوليتها القانونية والأخلاقية تجاه الموظفين.
وأشارت إلى أن الكثير من الصحافيين اليمنيين يعملون من دون عقود عمل وبمقابل مادي زهيد، كما ترفض كثير من وسائل الإعلام المحلية والخارجية إبرام عقود معهم، وتتخلى عن مسؤوليتها في التأمين الصحي وتأمين مخاطر العمل، وتتجاهل إجراءات السلامة المهنية والتدريب في هذا الجانب.
ولفتت إلى أن غياب الصحافة المستقلة، وسيطرة أطراف الحرب على وسائل الإعلام الرسمية، وإطلاق وسائل إعلام تابعة لكل طرف، ساهمت في تفشي خطاب الكراهية والتحريض.