استمراراً لمسلسل هدم المقابر في مصر، قررت الحكومة إزالة عدد من المقابر بمنطقة السيدة عائشة التاريخية، من أجل إنشاء كوبري (جسر)، وأعلنت الحكومة أنه سيتم نقل المقابر بما تحتويه من رفات إلى أماكن بديلة، ومن المقرر أن يتم بدء نقل المقابر خلال أيام. وبعيداً عن المقابر أزالت الحكومة 47 عقاراً في ميدان السيدة عائشة وقالت إنه سيتم نقل سكان المنطقة إلى وحدات بديلة بحي الأسمرات.
وأثار قرار الحكومة بهدم المقابر حالة من الغضب الشعبي، وعلّق الناشط العمالي البارز كمال خليل على القرار وكتب على صفحته في "فيسبوك": "لما سمعت أن الحكومة بتهد المقابر ناحية ميدان السيدة عائشة افتكرت والدي (الأسطى خليل) المدفون هناك منذ 71 سنة في مقابر السيدة نفيسة والذي توفي قبل مولدي بشهرين. وتذكرت أيضاً صديقي العزيز (رحمه الله) صلاح يونس العامل القيادي في شركة حرير حلوان للغزل والنسيج والذي كان يسكن قرب ميدان السيدة عائشة بمنطقة الخليفة". وكانت مصر قد شهدت، أخيراً، فاجعة بعد هدم جزء من المقابر في منطقة "جبانة المماليك"، التي تضم مقابر تاريخية وآثاراً إسلامية تعود إلى نحو خمسة قرون خلت، في إطار توسعة شبكات الطرقات والكباري في البلاد، بهدف ربط القاهرة بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق العاصمة المصرية القاهرة، وبالقرب من قناة السويس وسيناء) والعين السخنة شمالي شرق القاهرة. وما أثار الجدل هو هدم المقابر التراثية التي تدخل في إطار القاهرة التاريخية، المصنفة تراثاً عالمياً بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، والمسجلة منطقة حماية وفقاً للقانون رقم 119 لعام 2008. وتتميّز هذه المقابر بكونها ذات طراز معماري تراثي بحسب للقانون رقم 144 لعام 2006.
وبحسب وسائل إعلام رسمية مصرية تقود الدولة خطة طموحة لتطوير المناطق العشوائية وحلّ أزمات المرور، ومن بين المشاريع الجاري تنفيذها تطوير محيط القلعة وميدان السيدة عائشة، إذ سيتم إنشاء كوبري بديل لكوبري السيدة عائشة وهدم الكوبري القديم، يربط شارع "صلاح سالم" بمحور الحضارات في عين الصيرة. وفي سبيل إتمام المشروع سيتم نقل 2760 مقبرة بمسار الكوبري الجديد إلى مدينة 15 مايو. إضافة إلى أنه تمت إزالة 47 عقاراً في ميدان السيدة عائشة ونقل 136 أسرة. كذلك ستتم إزالة العقارات المحيطة بالقلعة، وستكون منطقة عرب يسار أولى المناطق التي ستتم إزالتها بمحيط القلعة.
من جهته قال الدكتور أسامة طلعت رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة الآثار إن مقابر منطقة السيدة عائشة يبلغ عددها 2600 مقبرة، وأضاف أن إعادة الصياغة العمرانية لهذه المنطقة "تتم بتنسيق تام بين أجهزة الدولة المختلفة، والتي من ضمنها الآثار، وذلك وفقاً لشروط صارمة لاتخاذ القرار الأنسب بشأنها".
وتابع في مداخلة مع المذيعة لميس الحديدي في برنامج "كلمة أخيرة"، مساء الأحد الماضي، أن "الجدل المثار حول مقابر السيدة عائشة يشبه ما حدث في محور (الفردوس) في مقابر الغفير في وقت سابق". وقال إن "ما أزيل فقط هي المباني المتاخمة للمنطقة الأثرية وجميع ما يقع تحت نطاق المناطق الأثرية لم يتم الاقتراب منها"، مشيراً إلى أن مديرية الآثار "باشرت عملية الإزالة جنباً إلى جنب مع الأجهزة التنفيذية المنوط بها مباشرة عملية الإزالة، وذلك لضمان أن تكون الإزالة فقط في المباني غير الأثرية وأن يتم الحفاظ على هوية المباني الأثرية".