يجوز القول إن عصر الثنائيات في الدراما العربية، خصوصاً ما يعرف منها بالمشتركة، انتهى اليوم، وذلك مع فائض إنتاج المسلسلات القصيرة، الخاصة بالمنصّات.
هكذا، تقترب خارطة الدراما الموسمية (رمضان 2022) لتلغي دور الثنائي، من خلال الإنتاجات المفترض أن تُعرض، ويشكل ذلك انقلاباً جديداً على عالم الأعمال الدرامية المُشتركة تحديداً.
قبل 11 عاماً، قدم المنتج السوري الراحل أديب خير، أول تجربة إنتاج مشتركة في "روبي" (اقتباس ونص لـ كلوديا مرشليان، وإخراج رامي حنّا). بعدها، تكاتفت جهود المنتجين في لبنان لتكريس حضور وإنتاج هذا النوع من الأعمال، التي تجمع عدداً من الممثلين العرب في قصة واحدة.
نجحت الممثلة اللبنانية، نادين نسيب نجيم، لأكثر من ثماني سنوات في لعبة "الثنائي" التي بدأتها بمسلسل "لو" مع عابد فهد (إخراج سامر البرقاوي)، وانتهت مع قصي خولي في "عشرين عشرين" (إخراج فيليب أسمر). لكن المنتج، صادق الصبّاح، الذي تبنى موهبة نجيم وأطلقها عربياً، كان له الرأي الأخير في تكريس ظاهرة "الثنائي"، التي وجد فيها تفاعلاً جماهيرياً كبيراً؛ فاعتُمدت كصيغة رئيسية في فكرة إنتاج اي مسلسل.
بعيداً عن التقييم والنقد، يمكن القول إن الدراما العربية وجدت مكانها في السنوات الأخيرة من خلال الأعمال المُشتركة، لكن الواضح اليوم أننا أمام تغير مُستجد على هذه الصناعة، يتزامن مع زيادة الطلب على الأعمال الدرامية والأفلام، لصالح المنصّات، وهذا ما أدى إلى قلب الصورة، وإلغاء حكايات الحب والرومانسية التي عاشت لسنوات.
لم يتمكن كتّاب الدراما العربية، حتى اليوم، من تغليب قصة حب على مسلسل قصير؛ الأعمال المصورة، أو تلك التي عُرضت، تتخذ مساحة فائضة من التشويق المصطنع، لزوم البيع والترويج.
قبل شهر، انتهى عرض مسلسل "شتّي يا بيروت"، قصة الكاتب السوري بلال شحادات، وإخراج إيلي السمعان. تغلب الكاتب والمخرج في الطرح الاجتماعي على قصص الحب المتداخلة في السيناريو؛ فألغى شحادات قصة الحب التي شكلت لفترة "ثنائية تفاعلية" في مسلسلات كثيرة، ليس آخرها "عشرين عشرين" الذي كتبه شحادات أيضاً.
في "شتي يا بيروت"، تحولت قصص الحب إلى ثنائيات محورية، ولم تنحصر بدور البطولة، بداية بين عابد فهد والممثلة ديما بياعة، التي حضرت في حلقة واحدة فقط، ثم بُني المشهد كمحاولة إعجاب تنتهي بالزواج، يستعيدها فهد بعد فقدان زوجته مع شريكته إلسا زغيب، أمام صراعات ومشاكل جمعتهما على مدى ثلاثين حلقة، وكذلك قصص حب موازية، لفهد زغيب، جمعت بين جيري غزال وزينة مكي، وبين إيهاب شعبان ولين غرّة.
وعرف المخرج رامي حنا الخروج من "مشكلة" الثنائي في مسلسل "تانغو" (2018)، عندما منح الأبطال حكايات مترابطة قائمة على الحب والخيانة، لكنه لم يحصرها بين ممثلين فقط.
الواضح أن سلة الدراما الرمضانية 2022، ستفتقد لحضور "الثنائية" هذا الموسم.. خطوط متقاطعة مثلاً تجمع بين أبطال مسلسل "بيروت 303" (نص سيف رضا حامد)، الذي يجمع عابد فهد وسلافة معمار ومعتصم النهار ونادين الراسي، والأمر نفسه في "من.. إلى" لبلال شحادات (إخراج مجدي سميرة)، الذي يجمع بين قصي خولي وفاليري أبو شقرا.