استمع إلى الملخص
- بدأ مسيرته في الثمانينيات، وحصل على الأستاذية في الموسيقى عام 1984، وواصل التدريس والإنتاج الفني، جامعاً بين الموسيقى والرسم.
- خلف خليجان معزوفات موسيقية عديدة ولوحات انطباعية، وقدم عروضاً موسيقية مميزة، مثل "حوار الأوتار" و"ديو"، مما أثار ضجة في الساحة الفنية التونسية بعد رحيله.
قد يبدو اسم وناس خليجان لكثير من التونسيين مجهولاً، فهو لا يحب الظهور في وسائل الإعلام التونسية، ويكتفي بالعمل بصمت. انتهى هذا الصمت، أخيراً، بعد رحيل الموسيقي والموزّع والرسام التونسي 22 يوليو/تموز الحالي عن 65 عاماً، ليكتشف التونسيون فناناً متعدد المواهب، ولتتعالى أصوات محبيه ومن عرفوه عن قرب، ليعلنوا أن رحيل هذا الفنان لن يمرّ بصمت، مثلما مرت سنين عمره الفنية التي قضاها بين تأليف الموسيقى وتوزيعها والرسم.
وُلد وناس خليجان في الـ30 من مايو/أيام عام 1958 بولاية بنزرت. بدأت مسيرته الفنية في ثمانينيات القرن الماضي، من خلال المشاركة في نوادي الموسيقى والرسم، ليختار تأطير هذه الموهبة بالدراسة في المعهد العالي للموسيقى، ويحصل سنة 1984 على الأستاذية في الموسيقى. لكنه لم يكتف بذلك، فواصل الدراسة إلى جانب الإنتاج الفني من خلال أبحاث أكاديمية في الموسيقى التونسية، مكنته من نيل لقب الأستاذ الجامعي، ليبدأ رحلة تدريس الموسيقى في نفس المعهد الذي درس فيه، إلا أنه لم يكتف بالتدريس؛ فواصل لعبته المفضلة وهي الإنتاج الموسيقي ورسم لوحات تجمع بين المعيش اليومي التونسي ولحظات تأمل شعرية.
في تصريح إلى "العربي الجديد"، يقول الصحافي المختص في الفنون التشكيلية، رمزي العياري، إن ناس خليجان هو أغورا (Agora) تونسية التقت فيها فنون الموسيقى والرسم والشعر، والجامع بين هذا الثلاثي الإيقاع، فقد كان يبحث عن إيقاع فني خاص فى كل ما أنتج من أعمال فنية، وتسكنه رغبة "التجديد والخروج عن النمط السائد من خلال كيمياء جمالية بديعة حاولت البحث في كنه الإنسان بعقل تأملي استعمل فيه الإيقاع الموسيقي حيناً والريشة أحيانا".
وناس خليجان خلف عدداً هاماً من المعزوفات الموسيقية التي أدتها الأوركسترا السيمفونية التونسية وفرقة البحر الأبيض المتوسط، ومجموعة الغجر، وفرقة الموسيقى العربية، وفرقة مدينة تونس للموسيقى العربية، وألّف العديد من المقطوعات لمسرحيات تونسية وأعمال تلفزيونية وإذاعية، كما كانت له تجارب موسيقية أخرى، آخرها كان سنة 2021، عندما قدم عرض "حوار الأوتار"، وهو عمل موسيقي جمع فيه بين الفنانين لطفي بوشناق ورحاب الصغير وشهرزاد هلال، في رحلة موسيقية مزجت بين الأغاني الطربية والطبوع التونسية، وكذلك عرض "ديو"، وهو حوار بين الآلات الموسيقية من خلال تقديم عشرة مؤلّفات موسيقية.
تنتمي معظم لوحات خليجان إلى الانطباعية، فنشاهد فيها مناظر طبيعية تصوّر البيئة الجغرافية التونسية وجمالياتها. في لوحة له تحمل عنوان "نساء في الحقل" (Femmes Dans les Champs)، نرى سيدات يعملن في حقل، هيئتهنّ تبدو غامضة، كما لو أنّهن أقرب إلى ظلال، ومن خلفهنّ نرى السماء زرقاء واضحة.
رحيل الفنان وناس خليجان خلف ضجة في الساحة الفنية التونسية، قطعت الصمت الذى اختار أن يتوارى خلفه طيلة مسيرته الفنية التي كرسها للعمل بعيداً عن الأضواء، لأنه كان يعتقد، كما يؤكد أصدقاؤه، أن "الأثر هو الباقي"، ولقد ترك من القطع الموسيقية واللوحات الفنية الكثير.رر