نهاية الشهر الماضي، أصدر DJ Khaled ألبوماً جديداً، يحمل عنوان God did؛ وهو الألبوم الثالث عشر في مسيرته الحافلة، التي شهدت ذروة التألق في نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة، ولم يخفت نجمه من ذلك الوقت.
كما هو الحال مع أي مشروع لدي جيه خالد، يبدو God did أشبه بقائمة تشغيل متنوعة، وليس ألبوماً. فحضور الأصوات الأخرى دائماً ما يكون طاغياً، وينجح DJ Khaled من خلال موهبته الخاصة المتمثلة بالقدرة على استثمار كل الإمكانات المتاحة، وبتجميع الأجزاء اللامعة المتنافرة، وإيجاد مكان يبرز جمالها جميعاً في لوحة واحدة.
هذا ما اعتدناه فعلياً بألبومات DJ Khaled السابقة، لكن الأمر مختلف نوعاً ما في الألبوم الأخير، الذي يبدو فيه DJ Khaled تائهاً في التفاصيل، عاجزاً عن إيجاد مساحات مختلفة للأصوات التي نألفها، وغير قادر على خلق السياق المبتكر لتتوهج فيه أصوات شركائه بالنحو الأفضل.
ما نشعر به في أثناء الاستماع إلى ألبوم God did، أن هناك فجوة كبيرة، لا يمكن ضيوف الألبوم -مهما بلغت قيمتهم ونجوميتهم- أن يردموها، ولا يمكن حتى الموسيقى الأنيقة المترفة التي ينتجها DJ Khaled، ولا حتى الكلمات التي تتشارك نخبة من أعظم الرابرز في العالم التنافس بها.
ما يفتقر إليه هذا الإصدار، رؤية فنية منظمة، أو على الأقل وضع هدف يتجاوز الانخراط في المسرحيات التي تخلقها أبيات الراب السريعة، التي تعجز في كثير من الأحيان عن خطف الانتباه. وغياب الرؤية، يجعلنا نشعر بأن التعاونات الفنية المرصعة بالنجوم، التي نعايشها في الألبوم، هي تعاونات مصطنعة وخادعة وفاقدة الشغف، لدرجة أن بعض الأغاني تشعر بأن العلاقة الوحيدة التي تجمع بين الأصوات المتعددة التي تتردد بها، علاقة تتابع، فلا يولّد أي مؤدي راب إحساساً يمكن أن يبني عليه شركاؤه، وكأن الشركاء في الأغنية الواحدة لم يلتقوا ولم يتفاهموا على الصيغة الكاملة للعمل الفني، الذي يبقى بيد DJ Khaled وحده، لكنه بهذه التجربة يفقد الرؤية.
هذه المشكلة نجدها في العديد من أغاني الألبوم، بما فيها الأغنية الرئيسية التي تحمل اسم العمل، God did، التي يشارك فيها كل من ريك روس، وليل واين، وجاي-زي، وجون ليجند، وفرايداي. تمتد الأغنية على ثماني دقائق ونصف، قد تكون الأسوأ في الألبوم والأكثر مللاً. ففي الأغنية، نشعر بأن الصلة تنقطع بشكل تام بين كل مقاطع ليل واين وريك روس، ولا تشفع جودة أداء جاي-زي باللازمة على ربط المقاطع المتنافرة، التي تزداد سوءاً مع دخول الصوتين الأخيرين، اللذين يساهمان في تحويل الأغنية إلى حلبة راب مصغرة، لا يتصارع فيها أحد.
ومن الأمور التي تجعل ألبوم God did مخيباً للآمال، أيضاً، الأغاني التي كان ينتظرها الجمهور من الشركاء الذين أشعلوا الحماسة مبكراً منذ الإعلان الأول لتعاون DJ Khaled معهم، خصوصاً إمينيم وكانييه ويست، اللذين جمعهما DJ Khaled معاً في أغنية Use This Gospel. المشكلة هنا لا تكمن في الأغنية بحد ذاتها، فهي ليست رديئة على الإطلاق، لكنها في الوقت ذاته لا تستحق كل الصخب الإعلامي الذي رافقها.
ولا يبدو أن DJ Khaled قد استطاع استثمار هذه الشراكة التي خلقها بين اثنين من أعظم الأسماء في تاريخ الراب، على النحو الأفضل، فنشعر بأن كل ما قام به هو إيجاد مساحة آمنة للثنائي لتقديم المقاطع التي يتقنانها كما يفعلان دائماً، من دون أن تثمر الشراكة أي تحدٍّ جديد، كان من المفترض أن يحدث نظرياً.
في المقابل، يمكن القول إنّ جودة الألبوم ترتفع بعض الشيء في الأغاني التي تعتمد على الأصوات الجديدة التي يكتشفها DJ Khaled، كما هو الحال مع دون توليفر وترافيس سكوت في أغنية LET'S PRAY؛ الأمر الذي يجعل البعض يخمّن أنّ إبداع DJ Khaled بات يتراجع مع الأصوات المكرسة، ولا يستطيع أن يقدم لها مساحات مختلفة وحرة في ذات الطريقة التي يتعامل فيها مع المواهب الجديدة.
إلّا أنّ هذه التوصيفات قد تكون غير منصفة بحق DJ Khaled، الذي قد يكون أنتج هذه السنة أسوأ ألبوم له طوال تاريخه، لكنّ ذلك لا يعني أنّ الإصدار يخلو من اللحظات الموسيقية المميزة؛ التي يمكن أن نقدم مثالاً عليها بأغنية Staying alive؛ إذ يتعاون فيها مع دريك وليل بيبي.
يتمكن DJ Khaled، في هذه الأخيرة، من ابتكار أقصر لازمة لأغنية راب من خلال الاعتماد على اختزال لازمة الأغنية التي تحمل ذات الاسم لفرقة Bee Gees؛ لتظهر بلحظات إمكانات DJ Khaled وموهبته الفريدة التي أوصلته إلى المكانة العالية التي صار فيها اليوم. تشير هذه اللحظات إلى أن تجربة ألبوم God did السيئة، لا تعني أنه بات عاجزاً عن الإبداع، حتى ولو حصل الألبوم على أسوأ تقييمات نالها DJ Khaled في تاريخه.