استمع إلى الملخص
- القصة تتبع هيراغي وتسيموغي، فتاة "أوني"، في رحلة مليئة بالأحداث الخارقة والمغامرات، مع التركيز على الصداقة، صعوبات المراهقة، والتعبير عن الذات.
- يتناول الفيلم موضوعات مثل الهروب من الواقع والبحث عن الهوية بجودة رسوم متحركة عالية، ويقدم تجربة تفكيرية للمراهقين والعائلات رغم بعض الانتقادات حول تصوير مخلوقات الأوني.
عُرض فيلم الأنمي My Oni Girl على منصة نتفليكس بالتوازي مع عرضه في دور السينما اليابانية، ليكون الفيلم الثاني الذي تتعاون فيه نتفليكس مع استوديو كولوريدو بعد فيلم Drifting Home. الفيلم من إخراج توموتاكا شيباياما الذي قدم واحداً من أفضل أفلام الأنمي في السنوات الخمس الأخيرة، وهو A Whisker Away، كما سبق أن عمل في استوديوهات غيبلي، وتحديداً في الفيلم الحائز جائزة أوسكار لأفضل فيلم أنيميشن Spirited Away.
لا شك أن شيباياما كان قادراً على تقديم ما هو متوقع منه بصرياً؛ مشاهد مذهلة وانتقالات سلسلة بين العوالم الواقعية والفنتازية مثلما فعل في فيلمه A Whisker Away الذي يتشابه قليلاً مع My Oni Girl في الموضوعات العامة عن الصداقة الأقرب إلى الحب بين صبي وفتاة، وصعوبات المراهقة والتعبير عن الذات والبلوغ.
يتحدث My Oni Girl عن هيراغي، وهو صبي لا يجيد الرفض أو التعبير عن مشاعره. بمشاهد سريعة، نرى يومياته ونعرف أنه لا يمتلك حياة اجتماعية سوى حين يقدم خدمات من دون مقابل، بالتوازي مع هطول مفاجئ للثلج في الصيف. لاحقاً يلتقي هيراغي بفتاة تدعى تسيموغي بعد محاولته مساعدتها، ومن هنا تبدأ الأحداث الغريبة، مثل خروج كرات روحية من جسد هيراغي عندما يتكلم. هيراغي المتلهف على الحصول على صديق، يدعو الفتاة الغريبة إلى بيته، ليهاجمه كائن غريب، ثم يهرب مع تسيموغي التي تبحث عن والدتها، ليعرف أنها كائن "أوني" وهو نوع من الكائنات الخيالية في الثقافة اليابانية. يقدم الأنمي رحلة خيالية مميزة ذات بصريات تقدم الكائنات الروحية اليابانية والمتخيل الحديث فوقها.
وفي الوقت نفسه، يركّز My Oni Girl في الساعة الأولى على رحلة الطفلين واكتشافهما العالم وتكوين صداقة عميقة خلال الرحلة، وتقديم أكبر لشخصية هيراغي الذي لا يتوانى عن مساعدة الآخرين، في الوقت الذي يهرب فيه من دون اهتمام بإخبار عائلته بمكانه، متجنباً والده لأطول وقت ممكن. قد تبدو شخصية هيراغي محيرة قليلاً، إن كان يهتم بالآخرين إلى هذه الدرجة فلماذا لم يكلف نفسه الاتصال بعائلته لطمأنتهم، إلى أن ينبهه شخص ما على ذلك. وبدلاً من الاهتمام بالعائلة أو النفس، يتبع صديقته الجديدة غير البشرية في رحلة بحثها عن والدتها.
رغب هيراغي في الحصول على الاعتراف، وشعر أن خوض مغامرة خطيرة قد يؤدي إلى الموت أسهل من التعبير عن مشاعره. التعبير عن المشاعر والأفكار هو الموضوعة الأساسية للفيلم، إذ تخفي قرية مخلوقات الأوني بواسطة آلهة الثلج التي بدأت فجأة بمهاجمة هذه المخلوقات، ومهاجمة هيراغي الذي بدأ بالتحول إلى مخلوق أوني، وحصل على قرن على رأسه مثلهم لأنه يكبت مشاعره الحقيقية ولا يواجهها. في الأصل، تعيش مخلوقات الأوني مخفية عن العالم بواسطة الجليد مثل المشاعر المكبوتة.
في القسم الثاني من My Oni Girl، ندخل في عالم الأوني ونبتعد عن يوميات هيراغي العادية، إذ يحاول إنقاذ صديقته التي تسعى إلى إنقاذ والدتها التي ضحت بنفسها ورغباتها لآلهة الثلج. نسمع صوت الأم وهي تشعر بالندم وتغار من حياة الآخرين الذين ضحت لأجلهم، وربما بسبب هذا خرجت آلهة الثلج عن السيطرة وبدأت بمحاولة أكل مخلوقات الأوني، كانت هذه التفاصيل غامضة قليلاً وتعتمد كثيراً على التلميحات والتأويل.
تبقى هناك بعض الثغرات المزعجة رغم رمزية قرية الأوني، لكن رمزيتها لا تكفي لسد الثغرات، فمثلاً لم نعرف لماذا يولد الأوني في القرية كمخلوقات مستقلة، بينما يمكن أن يتحول إنسان عادي إلى أوني؟ هل أصل الأوني بشر عاديون، وهل يمكن أن يعودوا إلى بشريتهم كما عاد هيراغي؟ وكيف تعبر تسوموغي وهي مخلوق أوني عن مشاعرها طبيعياً إن كانت مخلوقاً يعبر عن كبت المشاعر؟
فيلم My Oni Girl مقدم بالأساس للمراهقين، ويتحدث عن معاناتهم، لكنه يقطع الرحلة على خيالهم ليكتفي برمزية قرية الجليد، والغرافيكس ذات الجودة العالية جداً والتحريك السلس القريب فنياً من أفلام استوديو غيبلي الخالدة. ولعل المشكلة تكمن في تحويل مخلوقات الأوني من أصلها الشرير في الفولوكلور إلى كائنات بسيطة، من دون تقديم سياق كافٍ ليحمل هذا التغيير.
في فيلمه السابق، A Whisker Away، قدم المخرج شيباياما قالباً مشابهاً، إذ تقرر فتاة العيش كقطة لبعض الوقت باستخدام قناع سحري لتتجنب الحياة الحقيقية، ثم تتورط حتى تقترب من التحول الكامل إلى قطة وتذهب إلى عالم القطط البشرية التي كانت في الأصل بشراً مثلها. كانت الحكاية متكاملة من دون ثغرات، كما تميزت بكثير من المرح رغم موضوعتها عن الهروب من الواقع ومخاطره، وهذا مفقود في فيلم My Oni Girl. في النهاية، ورغم الثغرات والملل في بعض اللحظات، قدم الفيلم موضوعة تصب في صلب مشاكل المراهقين العاجزين عن التعبير عن أنفسهم، المهددين بالهروب من الواقع بأقرب فرصة ممكنة بدلاً من مواجهة ذويهم أو رفاقهم. وبهذا يصلح لأن يكون فيلماً عائلياً يقدم تجربة تساعد على التفكير في ما يمكن للمراهق فعله، أو حتى الأهل أنفسهم.