يبدو أنّ مجموعة NSO التجسسية الإسرائيلية تواجه تدقيقًا متجددًا من قبل وزارة العدل الأميركية، وذلك بعد شهور من إعلان شركات التكنولوجيا الرائدة أن صانعة برامج التجسس كانت "قويةً وخطيرةً" ويجب أن تحاسب وفق قوانين مكافحة القرصنة في البلاد.
ونقلت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية عن أشخاص مطّلعين على القضيّة تفاصيلها الجديدة. وقالت إنّ محامين من وزارة العدل الأميركية، تواصلوا أخيراً مع تطبيق "واتساب" للمراسلة، بأسئلة فنية حول استهداف 1400 مستخدم للتطبيق عام 2019 من قبل عملاء "إن إس أو" وهم جهات حكومية.
وكانت مجموعة NSO تواجه تحقيقًا من مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي" في أوائل عام 2020. وكانت القضية تبدو متوقفة، لكنّ وزارة العدل أبدت اهتماماً متجدداً بها. وليس من الواضح ما هي أهداف القرصنة المشتبه بها التي يفحصها محققو وزارة العدل أو المرحلة التي يمر بها التحقيق.
والشركة التجسسية الإسرائيلية تواجه اتهامات باستخدام البرمجيات التي تصنّعها وتبيعها للحكومات ضدّ صحافيين ومسؤولين حكوميين وناشطي حقوق الإنسان. ووجّهت أصابع الاتهام للشركة ودورها في انتهاك خصوصيّة معارضين وصحافيين، والتجسس عليهم في أكثر من مرة في العالم العربي.
وأواخر العام الماضي، كشف مختبر "سيتيزن لاب"، في تقرير، أنّ برمجية "بيغاسوس" التابع لـ"إن إس أو"، استخدمت في اختراق هواتف 36 صحافياً ومعداً ومذيعاً ومسؤولاً تنفيذياً في قناة "الجزيرة"، وكذلك جهازاً يخص مذيعة في "التلفزيون العربي"، لحساب السعودية والإمارات.
وربط البعض أيضاً بين أدوات "أن إس أو" للتجسس وبين قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي قطّعت أوصاله في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018. ويقول المدون المعارض وصديق خاشقجي، عمر عبد العزيز، إنّ تمكن الحكومة السعودية من الاطلاع على رسائلهما عبر "واتساب" هو الذي أفضى إلى موته. ونفت الشركة تجسسها على خاشقجي، لكنها تحجم إلى الآن عن التعليق على ما إذا كانت تقنيتها استخدمت في التجسس على آخرين في دائرته.
وتعدّ أول حالة عربية معروفة لاختراق ناشطين عبر البرمجية الإسرائيلية ضد الناشط الإماراتي أحمد المنصور.
عام 2019، ادعى "واتساب" أنّ برنامج "إن إس أو" قد تم استخدامه لاستهداف أكثر من 1400 من مستخدميه، بما في ذلك حساب واحد برقم هاتف في واشنطن. وبين المستهدفين الآخرين سياسيون وناشطون في إسبانيا، وصحافيون في الهند والمغرب، ومنشقون روانديون في أوروبا، ورجال دين مؤيدون للديمقراطية في توغو.
ورفعت "واتساب" دعوى قضائية ضد الشركة في الولايات المتحدة، مدعيةً أن مجموعة NSO لعبت دورًا في تنفيذ الهجوم على مستخدميها. نفت "إن إس أو" هذا الادعاء وقالت إنها "يجب أن تكون محصنة ضد مثل هذه الدعاوى القضائية، لأن عملاءها هم حكومات أجنبية وهم المسؤولون عن نشر البرنامج".
وسيقرر قاضي محكمة الاستئناف الأميركية قريبًا ما إذا كان ينبغي منح مجموعة "إن إس أو" حصانة سيادية في القضية المدنية التي رفعها "واتساب" ضدها.
وأواخر العام الماضي، انضم تحالف من منظمات لحقوق الإنسان إلى دعوى قضائية رفعتها شركة "فيسبوك" على شركة "إن إس أو غروب تكنولوجيز" الإسرائيلية لبرامج التجسس، قائلاً إن الشركة "تعطي أولوية للربح على حساب حقوق الإنسان". كما رفعت مجموعة من عمالقة التكنولوجيا، منها "مايكروسوفت" و"غوغل" و"ديل" و"سيسيكو"، مذكرة مماثلة حذرت من أن أدوات التسلل الخاصة بشركة "إن إس أو" تشكل خطراً على سلامة المستخدمين عبر الإنترنت. وقالوا إنّ صناعة برامج التجسس "المحصنة والموسعة" ستؤدي إلى وصول المزيد من الحكومات الأجنبية إلى أدوات المراقبة الإلكترونية "القوية والخطيرة".
وفي مدونة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، دعا رئيس شركة "مايكروسوفت"، براد سميث، إدارة (الرئيس الأميركي الجديد جو) بايدن، إلى التأثير في القضية القانونية البارزة، وقارن مجموعة "إن إس أو" مع مرتزقة القرن الحادي والعشرين.
وليس من الواضح لماذا يبدو أن تحقيق وزارة العدل قد توقف في العام الأخير من إدارة دونالد ترامب، لكن التحقيقات الحساسة مع الشركات الأجنبية مثل "إن إس أو"، التي تنظمها وزارة "الدفاع" الإسرائيلية، تميل إلى طلب التعاون مع وزارة الخارجية الأميركية.