دان مجلس النواب المصري، الموالي لسلطة الرئيس عبد الفتاح السيسي، القرار الصادر عن البرلمان الأوروبي بإدانة السلطات المصرية في ما يخص انتهاكات حقوق الإنسان، معلناً رفضه أي تدخل في الشأن الداخلي جملة وتفصيلاً، بدعوى أن القرار صادر عن طرف غير ذي صفة، ويمثل استمراراً لنهج غير مقبول من القرارات المشابهة، والتي "لا يعيرها البرلمان أو الشعب المصري أي اعتبار".
وقال المجلس: "لا يعلم البرلمان المصري من أين أعطى البرلمان الأوروبي لنفسه الحق في تقييم الآخرين، بينما كان الأولى به أن يركز اهتمامه على دول الاتحاد الأوروبي، وما يشوب حالة حقوق الإنسان لدى بعضها من نقائص، والتي يراها القاصي والداني يومياً على وسائل الإعلام، بما فيها الأوروبية، الأمر الذي ينبئ بازدواجية واضحة وانتقائية مقصودة في التعامل، تحقيقاً لأغراض ليس لها علاقة بحقوق الإنسان"، على حد زعم البرلمان.
وأضاف في بيان رسمي، الجمعة: "وإذ يأسف مجلس النواب المصري لهذا النهج الهدام والمغرض، وما شاب هذا القرار من تدخل غير مقبول في الشؤون الداخلية لمصر، فإنه يدين بأشد العبارات ما تضمنه من مغالطات وأكاذيب تجعله غير ذي قيمة"، مستطرداً "هذا القرار هو والعدم سواء، فمصر دولة كبيرة ومهمة ومؤثرة في محيطها الجغرافي والإقليمي، ولا يؤثر فيها مثل هذه البيانات المغلوطة غير الصحيحة".
وتابع: "كان مجلس النواب المصري يتوقع من البرلمان الأوروبي أن يكون عند مستوى المسؤولية التي تفرضها المصالح المشتركة، والعلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين الاتحاد الأوروبي ومصر، وأن يتبنى مدخلاً بناءً لخلق أرضية مشتركة لحوار وتعاون مشترك، بما يسمح بتحقيق أهداف الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، إلا أن البرلمان الأوروبي اختار أن يسير في فلك أطراف مغرضة، ومعروفة بعدائها لأي تقارب بين الطرفين"، وفق البيان.
واعتبر "برلمان السيسي" أن قرار البرلمان الأوروبي "يصب في صالح جهود دؤوبة لإفساد وتسميم العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، لتحقيق مصالح ضيقة، أو تنفيذ مخططات عدائية ضد الدولة المصرية"، مشدداً على رفضه أي إساءة للسلطة القضائية المصرية، وكذا الروح الاستعلائية للقرار، والتي لا تشجع على أي تفاعل أو حوار بناء بين المؤسستين، أو تحقيق قوة دفع في الاتجاه الصحيح في العلاقات بين البرلمان الأوروبي ومجلس النواب المصري.
وزاد: "ينظر مجلس النواب المصري لما جاء في هذا القرار المعيب على أنه كلام مرسل عار عن الدليل والإثباتات، وأنها مغالطات وادعاءات لا أساس لها من الصحة، تنم عن انحياز واضح وتحامل صارخ ضد مصر"، معرباً عن "أسف مجلس النواب من أن يصبح البرلمان الأوروبي مطية في أيدي بعض الأطراف والمنظمات غير الحكومية ذات الأهداف المشبوهة، أو الارتباط بتنظيمات إرهابية معروفة للكافة!".
وأشار إلى أن مصر ستستمر في جهودها الوطنية لتعزيز حقوق الإنسان، ولن تثنيها عن ذلك أي أصوات مغرضة، خصوصاً أنه من المعلوم أنها ستتقدم في الأسابيع القليلة المقبلة بتقريرها الوطني لجلسة الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، والذي تستعرض فيه بكل "شفافية" و"مصداقية"، وفي إطار روح التعاون البناءة مع مختلف الشركاء الدوليين "ما حققته خلال السنوات الأربع الماضية من إنجازات، وما واجهته من صعوبات"، بحسب ادعاء البيان.
وواصل مجلس النواب مزاعمه: "إن ما تقوم به مصر من إجراءات لتطوير حقوق الإنسان لم يكن يوماً مدفوعاً برأي هذا الطرف الأجنبي أو ذاك، لأنها ليست في حاجة إلى تقييم أو شهادة بحسن السير أو السلوك من جانب البرلمان الأوروبي، فما تقوم به الدولة المصرية من خطوات إنما ينبع عن إرادة سياسية ووطنية أكيدة، وقناعة ذاتية راسخة، بأن حقوق الإنسان جزء لا يتجزأ من عملية التنمية الشاملة".
وختم قائلاً: "إن الدولة المصرية حريصة كل الحرص على تنفيذ التزاماتها الدولية بموجب الاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، فضلاً عن الالتزامات الدستورية بموجب دستور البلاد الصادر عام 2014، وما تضمنه من طفرة في مجال حماية الحقوق والحريات، وتأكيد على دولة سيادة القانون".
وكان البرلمان الأوروبي قد اعتمد يوم الخميس قراراً بإدانة انتهاكات السلطات المصرية إزاء ملف حقوق الإنسان، منددا بموجة الاعتقالات التي أعقبت المظاهرات المناوئة للسيسي الشهر الماضي، وطاولت قرابة 4300 متظاهر ومعارض، فضلاً عن الاستخدام المفرط للعنف من قوات الشرطة ضد المتظاهرين السلميين.
وندد النواب الأوروبيون في القرار بمقتل نحو ثلاثة آلاف مصري من دون محاكمات حقيقية، بينهم أطفال ونساء، منذ إطاحة الجيش الرئيس الراحل محمد مرسي عام 2013، ووصول السيسي إلى سدة الحكم في العام التالي، مطالبين السلطات المصرية بضرورة تسليط الضوء على حقيقة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، الذي عُذب وقُتل في مصر بداية عام 2016.
وأعرب نواب البرلمان الأوروبي عن قلقهم الشديد، إزاء الأعمال الانتقامية ضد أولئك الذين يتعاونون أو يسعون للتعاون في مصر مع منظمات حقوق الإنسان الدولية، أو هيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، مشددين على ضرورة المراجعة العميقة لعلاقات الاتحاد الأوروبي مع مصر، والتي ينبغي أن تقتصر على دعم المجتمع المدني في المقام الأول.