وكانت أحداث جزيرة الوراق الأخيرة قد بدأت عندما قامت قوات من الجيش والشرطة بتاريخ 16 يوليو/ تموز 2017 بإزالة وهدم نحو 18 منزلاً من منازل جزيرة الوراق، ما أدى إلى اشتباكات ما بين الأهالي وقوات الأمن، التي قامت بإطلاق الأعيرة النارية (الخرطوش) وقنابل الغاز المسيلة للدموع، وهو ما أدى إلى وفاة أحد أهالي الجزيرة، هو سيد الغلبان، وإصابة العديدين، وهو ما صدر معه قرار من وزير الداخلية بوقف حملة الإخلاء القسري لأهالي جزيرة الوراق.
وعلى أثر ذلك، تم تحرير محضر بالواقعة واتهام 22 من أهالي جزيرة الوراق بالتظاهر، وتمت إحالة القضية على محكمة الجنح، وحددت أول جلسة لنظرها في 30 يوليو/ تموز 2018، وﻻ تزال القضية منظورة أمام المحكمة.
ومطلع العام الماضي، أصدر رئيس مجلس الوزراء المصري قراراً بنقل تبعية الجزيرة إلى هيئة المجتمعات العمرانية، وتعيين رئيس لها من أجل إتمام "خطة التطوير"، التي أعلنتها الحكومة منذ شهر مايو/ أيار 2017، والتي يرفض سكان جزيرة الوراق أن تكون على حساب حياتهم ومنازلهم.
ومنذ ذلك الحين، توالت اﻻستدعاءات الأمنية لأهالي جزيرة الوراق، من أجل الضغط عليهم لبيع أراضيهم ومنازلهم، للبدء في تطبيق خطة التطوير والتهجير التي تتبناها الحكومة، وهو الأمر الذي دفع بالعديد من أهالي الجزيرة - تحت تهديد الحصار والقمع الأمني - إلى التنازل فعلياً عن أراضيهم لهيئة المجتمعات العمرانية.
وفي 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تجدَّد الصراع من جديد على أرض جزيرة الوراق، إذ حاصرت قوات الشرطة صباح 18 ديسمبر معدية دمنهور، وهي أهمّ المعديات التي تربط الجزيرة بشبرا الخيمة من الناحية الشرقية، وأمرت أصحاب المعدية بإخلاء المرسى لإزالته من أجل تشغيل عبَّارة تابعة للجيش مكانها، وما أن علم الأهالي حتى تصدَّوا للشرطة لوقف عملية الإزالة، وتبع ذلك حضور قوات أكبر من الأمن المركزي والقوات الخاصة، ثم حضر مدير أمن القليوبية الذي أمر بسحب القوات خشية تطوُّر الأحداث.
وتُعَدّ جزيرة الوراق الأكبر في نهر النيل، إذ تبلغ مساحتها 1850 فداناً، ويصل عدد سكانها إلى ما يقرب من 200 ألف مواطن، وتحتل موقعاً متميِّزاً، إذ تمثّل الرابط بين محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية)، وتُعَدّ كذلك من أهم المناطق الزراعية، إذ تشغل الأراضي الزراعية أكثر من نصف مساحتها، وتنتج هذه الأراضي أجود أنواع المحاصيل، بينما يعمل معظم سكانها بالزراعة والصيد.
وكانت الوراق تُعتَبَر هي و16 جزيرة نيلية أخرى، محميات طبيعية وفقاً لقرار رئيس الوزراء رقم 1969 لسنة 1998، حتى أصدر شريف إسماعيل رئيس الوزراء السابق، يوم 19 يونيو/ حزيران 2017، قراراً مُفاجِئاً باستبعاد 17 جزيرة وعلى رأسها الوراق من هذا القرار.
وحسب حركة الاشتراكيين الثوريين، فإن الشركتين المسؤولتين عن عملية تطوير الجزيرة، بجانب اللجنة الهندسية للقوات المسلحة، هما شركة "آر إس بي" الإماراتية السنغافورية للتخطيط المعماري، التي تم التعاقد معها عام 2013، وشركة "كيوب" للاستشارات الهندسية التي تعاقَدَت معها حكومة نظيف عام 2010، وقد أعلنت شركة "آر إس بي" عن التصميم الذي تودّ أن تُنفِّذه على موقعها الإلكتروني، لكنها حذفته بعد توجيه انتقاداتٍ شديدة لها.