يكرر الأطباء الذين يتوجهون إلى قطاع غزة، في سياق بعثات من مختلف الدول العربية والغربية، الحديث عن هول المشاهد التي يصادفونها. يتحدثون عن دمار وموت وإصابات وتفاصيل لا يمكن تصوّرها. وعلى الرغم من إدراكهم المسبق بما سيشاهدونه، فإن المشهد حين تراه بأم العين يختلف عن الوصف، ولأنهم يؤمنون بمهنة الطب مهنة إنسانية، أرادوا تقديم خبراتهم الصحية في القطاع ولو لفترة زمنية محددة. وشهد أطباء وممرّضون أميركيون أهوال الحرب الدائرة في غزة في المستشفيات المعدودة التي لا تزال قيد الخدمة في القطاع، حيث ابتعثوا في مهمّات قرّروا إثرها تسليط الضوء على الأزمة الصحية، للضغط على بلدهم.
في بعض الأحيان يجري التوقّف عن علاج المرضى، ويموت هؤلاء جراء عدوى ناجمة عن نقص معدّات بسيطة، مثل القفّازات أو الأقنعة أو الصابون. واتّخذت أحياناً قرارات مؤلمة، مثل التوقّف عن معالجة صبي في السابعة من العمر مصاب بحروق خطرة بسبب نقص الضمّادات، ولأنه سيموت أصلاً في جميع الأحوال. وفي وقت سابق، أرسلت جمعية "بالمد" (PALMED) للأطباء الفلسطينيين في أوروبا أول بعثة طبية إنسانية إلى قطاع غزة في الفترة ما بين 22 يناير/كانون الثاني والسادس من فبراير/شباط. وفور عودتها، وصفت البعثة الوضع الإنساني بالكارثي في القطاع المحاصر، في ظل عدم كفاية المساعدات الإنسانية الدولية، والغياب التام لوسائل الحياة الطبيعية، ونقص المياه والدواء والغذاء والكهرباء، فضلاً عن ظهور الأمراض المعدية، ونقص التغذية عند الأطفال. وهذا حال جميع الأطباء العرب والأجانب.
(العربي الجديد، فرانس برس)