يتتالى منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي قصف الاحتلال الإسرائيلي لمناطق الضاحية الجنوبية في بيروت، والذي يتكثف في الليل خصوصاً، وقد تتواصل نيران القصف ودخانه حتى شروق شمس الصباح حيث يصحو الناس على مشاهد الدمار التي تنقلها وسائل إعلام، وأيضاً لقطات ينشرها على منصات زوار خاطفين لهذه المناطق من أبنائها غالباً. يكتب صحافي زميل زار منزله في الضاحية لبرهة من الوقت صباح ليلة قصف: "في سماء الضاحية صباحاً سحب رمادية غامقة وسوداء من صنع بشر تنافس الغيوم الأصلية. وهذه السحب تحمل كميات هائلة من سموم الكربون التي تصل إلى مسافات بعيدة، فتخنق من تخنق". وعلى الأرض هناك مئات المشاهد لمبانٍ منهارة بالكامل أو لطبقات باتت تشبه لفائف فوق بعضها البعض وتشرف على السقوط بالكامل ما يجعلها أماكن خطرة جداً في وقت تستمر طائرة الاستطلاع الإسرائيلية بلا طيار في التحليق، وهو حالها في معظم أوقات النهار والليل. ومن اللافت أن حدود الشوارع لا تزال تقود أبناء مناطق الضاحية الذين نزح معظمهم منها، إلى مبانيهم ومنازلهم السابقة، وإذا نجحوا في الوصول إليها ورأوا أنها لا تزال قائمة في مكانها يتفقدونها بأقصى سرعة. وبعدما تسلّق السلالم حتى الطابق السابع، ووصل إلى منزله روى الصحافي أنه وقف على حافة الشرفة وفكر في تصوير الشارع كاملاً بالفيديو كذكرى أخيرة قبل دمار المكان، ثم رفض التصوير تفاؤلاً بالنجاة.
(العربي الجديد)