في منتصف يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت منظمة الهجرة الدولية أن أكثر من عشرة ملايين شخص فرّوا من بيوتهم في السودان منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في إبريل/ نيسان 2023.
وتؤكد كل المنظمات الدولية تفاقم الأزمة الإنسانية في بؤر الصراع الساخنة بالسودان، ومناطق النزوح التي يلفت فيها طغيان مظاهر الحياة البدائية وفقدان الخدمات الاعتيادية في المدن. وهذه حال الناس في كل البلاد اليوم مع استمرار القتال والتشرّد الذي يحتم تزايد التحذيرات الأممية والدولية لتجنيب ملايين كوارث المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18 في البلاد.
في جنوب كردفان التي تحتضن عشرات آلاف النازحين بلغت المعاناة الإنسانية ذروتها في الأسابيع الأخيرة، فمناطقها الريفية التي لا تملك في الأصل مقومات استقبال عدد كبير من الناس، واجهت مشكلة فشل الموسم الزراعي هذا العام نتيجة قلة هطول الأمطار، وتعرضت لغزو الجراد في وقت تواجه ندرة في السلع الأساسية بسبب انقطاع الطرق جراء الحرب، ونهب قوات الدعم السريع محاصيل زراعية.
يتحرك بعض النازحين على الجمال، ويمكث آخرون في بيوت من قش زاد عددها بتأثير الحرب، ويجلس بعضهم في ظلال الأشجار، ويتعلم أطفال في سهول، وتنقل نساء المياه بدلاء يحملنها فوق رؤوسهن.
العودة إلى البدائية ليست خياراً في جنوب كردفان وجبال النوبة التي لم تعرف يوماً شيئاً من مظاهر الحضرية، وهي قليلة في السودان كله أصلاً.
(العربي الجديد)