تختصر كل مآسي الحرب المستمرة منذ منتصف إبريل/ نيسان 2023 في السودان بالخيام الكثيرة المنتشرة في معظم ولايات البلاد، وعدد كبير منها منصوب على أراضٍ زراعية في مناطق ريفية. المأساة الأولى الماثلة أمام عيون الجميع في العالم هي النزوح القياسي داخل البلاد الذي تقدّره الأمم المتحدة بأكثر من 9 ملايين شخص، و"هو أكبر عدد سكان نزحوا داخلياً جرى الإبلاغ عنه على الإطلاق". وكان المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي قال إنّ الحرب "لا تزال محرّكاً كبيراً جداً للنزوح الجماعي". وأوضح أنّه كان صُدم بالعدد الكبير للاجئين والنازحين عندما تولّى منصبه قبل ثماني سنوات، وقد تضاعف هذا العدد منذ ذلك الحين، ما يشكل إدانة فظيعة لحالة العالم". وبين جوانب الخيام الكثيرة تتعدد مظاهر باقي المآسي في السودان فيُظهر افتراش الأرض مثلاً الحالة السيئة جيداً لسكانها بعدما تركوا خلفهم أو ربما خسروا بالكامل ما كانوا يملكونه، وانحدارهم بالتالي في درجات البؤس والفقر ما ينذر بالتأكيد بحصول مآسٍ أخرى. ويمتزج العوز المادي بفقدان أمل العودة إلى أوضاع ما قبل الحرب التي لم تكن جيدة أيضاً، وعدم القدرة على التكهن بالمستقبل، خصوصاً بالنسبة إلى الأطفال. ومن مظاهر الأواني الفارغة الموضوعة خارج الخيام يمكن تلمّس زحف الجوع إلى الناس، والذي تحذر تقارير من انتشاره على نطاق واسع، وصولاً إلى مواجهة 20 مليون شخص (42% من مجموع السكان) مخاطر انعدام الأمن الغذائي الحادّ.
(العربي الجديد)