كانت الحياة سيئة ومليئة بالصعوبات والقهر والحرمان قبل الحرب الإسرائيلية على غزة، فكيف الحال اليوم بعد انتقال سكان آلاف المنازل أو حتى أشباه المنازل في المخيمات إلى خيام نايلون بلاستيكية شفافة تستخدم أصلاً بدلاً من زجاج النافذة المتكسر؟
تكثر خيام النايلون البلاستيكية في أماكن تجمعات الغزيين، ومعظمهم نازحون يجلسون فيها مرغمين في ظل انعدام الخيارات الأخرى، وعدم إمكان اتقاء الأمطار التي تهطل في هذه الأيام إلا عبر الجلوس تحتها. أما الوقاية من البرد فأمر مستحيل، في حين يبقى الأمل في ربوع هذه المجالس، التي لا تحافظ على أي خصوصية، ألا تقتلع رياح قوية الأوتاد الهشة للخيام التي يوجد بعضها على أراضٍ رملية تحوّلها الأمطار إلى وحول.
بالطبع يوجد نازحون داخل خيام أكثر سماكة وقدرة على توفير بعض الخصوصية وأيضاً بعض الدفء، وهو الهاجس الأول اليوم مع حلول الشتاء، إلى جانب الحفاظ على الحياة عبر الابتعاد عن القصف، وأيضاً تجنب الأمراض بأي وسيلة ممكنة...
ووفرت منظمات تابعة للأمم المتحدة أو منظمات دولية بعض الخيام "الشرعية"، لكن عددها لا يكفي لتوفير الاحتياجات مع ارتفاع عدد النازحين، لذا يزداد عدد خيام النايلون، والذي يتأثر أيضاً بترك مواقع النازحين بالكامل للفوضى والإهمال، وبالتالي لتفاقم المآسي. وقد تكون خيام النايلون الشفافة مرآة صافية للأهوال الكبيرة التي لحقت بالغزيين، ليس من خبث الانتقام الإسرائيلي غير المحدود فقط، بل من "مسايرة" العالم القتل والإجرام.
(العربي الجديد)