ما أصعب أن يطوي الغزيون صفحة عام 2023 من دون أن تنتهي الحرب الإسرائيلية الشرسة عليهم. عاشوا أسابيع من فواجع القتل والتدمير والإبادة وسوء الغذاء وانعدام المياه والعيش في خيام، وفقدان التدفئة والرعاية الصحية، والموت على أبواب المستشفيات...
ومع استمرار الفواجع التي تركت جروحاً كبيرة قد لا تمحى في حياتهم، يتمسك الغزيون بمقولة إن "انتهاء الحرب وعودة كل شيء إلى ما كان عليه مسألة وقت"، لكنهم يؤكدون أيضاً أنهم غير قادرين على الانتظار أكثر من ذلك، في ظل الصعوبات التي يلاقونها حالياً، والحياة المأساوية التي يعيشونها في أي مكان يوجدون فيه هرباً من آلات القتل.
شوق الغزيين كبير للعودة إلى الأماكن التي احتضنت مقومات حياتهم الآدمية، بغض النظر عن كل الظروف السابقة التي لا تقارن بالمآسي الكبيرة حالياً. ويقول أحدهم: "خيمة قماش فوق بيتي المدمر أفضل من استمرار النزوح أو الهجرة إلى أي مكان في العالم".
إنه شوق الأرض والحي والمنطقة والمدينة والبلاد الذي لا ينتهي، ولا يمكن أن يفهمه إلا من يُحرم منه سواء بالاحتلال أو بالتدمير والتهجير القسري. وليعرف العالم الذي يؤيد العدوان المحبط للإنسانية أولاً، حتى قبل الغزيين أنفسهم، أن هذا الشوق لا يختفي تحت أكوام المنازل المنهارة بقوة السلاح، لأن قوة الحق أكبر.
في نهاية عام 2023 تحوّلت غزة إلى ركام كبير، لكن قلوب أبنائها تنبض لكتابة أعوام إضافية كثيرة من العزة والانتصار للأرض.
(العربي الجديد)