يعيش الأطفال في قطاع غزة واقعاً لا يمكن اختصاره ببضع كلمات أو أسطر. يتحدث المتخصصون في علم النفس عن اضطرابات نفسية قد تكون خطيرة سيعانون منها، هم الذين يفترض بهم ألا يشاهدوا حتى صوراً قاسية على مواقع التواصل الاجتماعي أو شاشات التلفاز، يعيشون هذه الصور ولا يكتفون بالتفرج.
ليس عادياً أن يحمل طفل أشلاء شقيقه. ليس عادياً أن يدرك أن الموت قد يأتيه في أية حظة. ليس عادياً أن يرى شقيقته تحتضر ويودعها. ليس عادياً أن يرى الأطباء يأخذون والدته إلى ثلاجة الموتى. ليس عادياً أن يرى والده مغطى بكفن أبيض، ومسجى على الأرض إلى جانب الكثير من الشهداء. ليس عادياً أن يجوع ويعطش ويتألم ويبرد ويخاف ويكون بلا مأوى. لكن كل ذلك يصبح عادياً حين يكون الطفل فلسطينياً. يقبل العالم كله هتك حقوق الأطفال الفلسطينيين، هم الفئة التي يفترض أنها محمية بموجب المواثيق الدولية.
يحدث كل ذلك وسط تحذير وصراخ المنظمات الدولية. ففي النهاية، لا ذنب للأطفال. ولا ذنب لأطفال غزة تحديداً إلا أنهم ولدوا وعاشوا في قطاع محاصر من قبل احتلال لا يأبه لأرواحهم وحياتهم. قتلت الغارات الإسرائيلية 3785 فلسطينياً على الأقل، بينهم 1524 طفلاً و1000 امرأة، وأصابت 12.493، منهم 3983 طفلاً و3300 امرأة.
حلم الحياة يبدو كبيراً وصعباً بالنسبة لأطفال غزة. والغد منوط بالجرائم الإسرائيلية المستمرة. البعض قد يتحدث عن حلم باللعب أو المبيت في منزل... لا أكثر.
(العربي الجديد)