قد يعتقد البعض بأن مشاهد المآسي باتت أمراً مألوفاً في يوميات فلسطينيي غزة بعدما مرّ أكثر من عشرة أشهر على اندلاع الحرب الإسرائيلية في القطاع. وربما لا يتردد البعض في القول إن منكوبي فاجعة هذه الحرب اعتادوا المشاهد المأساوية التي تكررت خلال سنوات الحصار الطويل منذ عام 2006، وترافقت مع فصول من العدوان.
الشيء الوحيد الصحيح أن من "يده في الماء ليس كمن يده في النار"، ولا أحد يمكن أن يفهم ما يشعر به أي فلسطيني في غزة حين تلتقي عيناه بمشاهد المآسي التي تحيط به، وكيفية تفاعله معها، وأيضاً ردود فعله التي لن تنحصر في اليوم والغد، بل في مراحل متقدمة من المستقبل.
ما يريده الغزيون اليوم هو الخروج من الحرب، فما شاهدوه من أهوال منذ أكثر من عشرة أشهر تخطى كل الصدمات التي يمكن أن يواجهها إنسان في حياته، فطبعاً ليس عادياً أن يمرّ طفل قرب جثة أو جثث مغطاة بأقمشة وربما أكياس نايلون، وليس طبيعياً أن يشاهد أي شخص نيران ودخان القصف، ويهرب من مكان إلى آخر. كما ليس سليماً تأمل الركام وأنقاض حياة زالت، وإبعاد النظر عن جرحى أو مرضى بلا علاج أو أشخاص يبكون من الجوع.
لا يستطيع الغزيون الانفصال عن وقائع المشاهد المحيطة بهم، وكلها مؤلمة وعديمة الرحمة.
(العربي الجديد)