ليست نساء غزة عاديات. والقول إنهنّ صابرات ومكافحات ومقاومات لا يمنحهن حقهن. هنّ قادرات على صنع شيء من لا شيء، وكأنهن يبعثن الحياة في ما حولهن من دمار وموت. وربّما هذا يُفسّر العدد الكبير من النساء الذي قتله جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
نساء غزة لسن عاديات. وجودهن يُشعر أهل غزة بالأمان والطمأنينة. هن أمهات يربين أجيالاً على المقاومة والصبر والحلم، وينشئن فتيات لا ينكسرن. هن شقيقات الجميع. لا يتركن أحداً. يساعدن جميع أهلهن في القطاع بما تيسّر على الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها القطاع منذ سنوات طويلة. يصنعن الطعام بالحد الأدنى من المقومات، وربما من دون مقومات. يحرصن على إطعام أطفالهن حتى لو حرمن من الطعام.
لسن عاديات. يحضنّ الجميع لأن الحب صمود. والجميع في غزة يحتاج إلى الحضن في ظل حجم المأساة التي يعيشونها لحظة بلحظة. وإذا خسرن طفلاً، يصرن أمهات الجميع. لا شيء ربما يمكن أن يعوّض أمّاً فقدان ولدها، لكن الأمر مختلف في غزة. الأمر ليس تعويضاً، بل تكاتف.
الغزية قادرة على الصمود والابتسام رغم كل الظروف، بل قادرة على التفاؤل في غد أفضل، وإقناع الأطفال بمواصلة الأحلام، والعودة إلى البيوت ولو بعد حين. هؤلاء هن نساء غزة.
(العربي الجديد)